الخميس، 24 يوليو 2014

بلبلةُ الأفكار !



صباحُ الخيرِ ابنتي ،،
لا يهمني موقعُ الشمسُ عندكم فأيامنا دوماً مُشرقة !

أرسل لكِ رسالتي هذه لاطمئنكِ علي ، لقد انهيتُ مؤتمري قبلَ قليل في مدينة رام الله ، وها أنا ذي أستقلُ القطار لدمشق لأقابل أخيكِ لأرى أحوال دراستهُ للفلكِ في جامعة الفلكِ العربية ومنها أنتقلُ مرةً أخرى إلى الرياض لأن مستشفى الشهداء العربيّ يحتاجني في امرٍ ما ، ثمّ أعود لمسقط لأجري ابحاثي على اكتشافي للعلاجِ القديم ..

أتعلمين يا ابنتي اخافُ عليكِ كثيراً حينَ تأتينَ للمنزل متأخرة بينما تبقينَ في المكتبة الدولية للمذاكرة ، فدراسةُ الطبّ كما أعرفها صعبة و تحتاجُ إلى جهد ، وهو ليسَ خوفاً على تأخركِ و بقائكِ بالخارج فلا خوفَ  على أنفسنا في وطننا العربي بل أخاف افتقادي لكِ و اشتياقي لكِ معي .. !

أتعلمينَ يا ابنتي ها أنا في القطار أتذكرُ تلكَ الأيام التي حدثت في عام الرابع عشر بعد الألفينِ للميلاد ، حينما صرخَ أحدهم بأعلى صوتهِ في مجلسٍ عربيّ أن استيقظوا و أنقذوا أقصانا ، أتذكرُ خطابهُ ذاك و الدمع يترقرق في عينيّ وانا أتذكر بكائه و دموعه وهو ينادي للعرب و يصرخُ امة الإسلام ..

و حينَ توّحدت جيوش وطننا العربي وحاصروا الصهيون ، و اشتعلت تلكَ الحرب ، إني فرحةٌ جداً لكلّ أولئك الشهداء الذي رحلوا ، و أقمنا زفافهم للجنّة ، أتعلمينَ ابنتي لم تكوني هُناك لتعيشي نخوة الشعور العربيّ ، والوحدة العربية الإسلامية ، حينَ صُفت الجيوش و ابتدت الحرب ، و حرروا الأقصى ، اتعلمين كان والدكِ قائداً في سرايا المسلمينَ وقتها ..

و أذكرُ حينما قطعت كلّ مواردها الغير متجددة عن الصهيون حتى ضاقَ بهم الحال و رحلوا ، أخذوا كلّ متاعهم ورحلوا ، وتركوا لنا اقصانا العزيز ، وصلينا في الرابع والعشرون من تشرين الأول صلاة الفجرِ في الأقصى ، وكان يُصادفُ وقتها ميلادي العشرون ، وقد أكملتُ عشرونَ عاماً يا ابنتي .

أتعلمين بعد صلاة الفجرِ تلكَ الليلةِ وقفتُ على بوابةِ الأقصى أدوّن تدوينةً أقولُ فيها قد تحقق نصرنا ، وكتبتُ كثيراً وكثيراً ، حتى بدأت أوطاننا تتعمرُ .

أتعلمينَ قد انشات ثانويتكِ للمبدعينَ بعد ذاكَ العام ، وأصبحت هُناك ثانويات المبدعين و الأدباء و المفكرين و العلماء ، يصنعون أجيالاً منذ صغرها ، وقد أنشأوا وكالة فضاء عربيّة ، ومدارس فكريّة ، وجامعاتٌ عربية متحدة ، أتعلمينَ جوازي هذا الذي يحملُ شارةَ المسلمين الذي أحملهُ بيدي ، وعليه خريطة أوطاننا العربية .. 

أتعلمينَ ابنتي ثمّ بعدها قد انضمت القسطنطينية إلينا و حاربنا معاً الأندلس وتمّ فتحها ، أتعلمين أننا فخراً لهذا الدينِ قد أصبحنا ، وأًصبحنا أجيالاً فردوسية حافظة للقرآن .

أنهيتُ بعدها دراستي في المختبراتِ الطبية و أكملت الماجستير في جامعة العرب العالمية ، وقد سهرتُ كثيراً حتى أنهيت الدكتورة و ها أنا كما ترينَ بروفيسورة في جامعةِ المسلمينَ العربية ، التي لا تضاهي أي جامعةِ عالمية ، أعلم الطلاب علمَ الدم و أمراضهُ الأليمة ، ونصنعُ الدواء و العلاج ..

أتعلمينَ ابنتي ربيعنا العربيّ اشرق ولم تكوني هناك ، محظوظةٌ انا لأني شهدته ، ومحظوظةُ انتِ لأنكِ لم تتألمي به ، اعذريني يا ابنتي قد ثرثرتُ طويلاً ، أتعلمينَ اني كبرتُ كثيراً و قد أصبحت ثرثارةَ الرسائل أكثر من ذي قبل .

بالمناسبة يا ابنتي حفلُ توقيعُ روايتي العاشرة عن حياتنا العربية ، في العشرون من تموز فاحضري هُناك ، لأنني فخورةٌ بكِ و أريدكِ ان تكوني معي ، سيصلُ القطارُ بعد عشرِ دقائقُ للمدينة وأخيكِ يستقبلني هُناك ..
كوني بخيرِ يا ابنتي ، و اعذري ثرثرتي ..

أنا الآن أمام حاسوبي أقرأ أخبار حرائق غزةٍ وقد مزقني الآن وقد ثرثرتُ افكاري المجنونة ، وما هي إلا بلبلةُ هلوسة ، وعلها تتحقق يوماً ..

عذراً يا قرائي قد سرحتُ كثيراً بمستقبلي و أفكاري ، لا تحزنوا سوفَ امزقُ الورقة وأرميها في سلةِ المهملات ، و أتابع مشاهدة أخبار احتراق غزةٍ و أرى صورنا قد وحدّنا الصور الشخصية و غردنا بحرية ، وتحترق غزةً و نحنُ ننظر ..


لا تحزنوا ، لا تيأسوا ، سأمزق بلبلة الأفكارِ / لأجلي أيها القراء كونوا بِخير .. 

هناك 4 تعليقات:

  1. اللهم انصرهم وانصرنا...

    وبدعاء تكتفي الاحاديث

    ردحذف
  2. ليس من الصواب تمزيق حروف گ هذه يا فَجر!
    حفظكِ الباري ووفقك ويسر أمركِ وسهل دربكِ ورزقكِ من حيث لا تحتسبين ..

    .

    ردحذف