تأتينا أحياناً تلكَ الرغبة بقراءةُ اسمنا الأول مدوناً
او يقبع خلفَ السطور ، او نجده مدوناً و قد رُصّع لنا ، و نشتهي كثيراً ان نراه
لنبتسم و نفخر بذلك ، و أحياناً تراودني تلكَ الرغبةُ كثيراً ، كثيراً جداً فأول
ما أفعله بمجرّد ذلك أن آتي لهُنا قبلَ كلّ شيء ، لأنني أعلم يقيناً أنني سأجدني
خلفَ سطرٍ ما ، او بينَ أحرفٍ ما !
أو أجد الفجرُ مدوناً بذاتهِ هُنا ، و مع ذلك إنني دائماً
أربط كلّ التفاصيل هنا بذو الفجر القابع في ذاتي ، أو أجدني أنا الأخرى قد دوّنت
اسمها الأول لتجدهُ كلّ حينَ دائماً هُنا !
إنني وحينَ اصل لمتنفسي أشعرُ أنني في كوخٍ أعلى شجرةِ
كرزٍ كبيرة وقد أصبحت أوراقها ورديّةٍ في فصلٍ ربيعٍ ضُوّع بالضاد ، الكوخ الذي
لطالما رأيته في الأحلام و لا زلتُ أحلم بالحصول على مثله !
أو فقط البقاء فيه ولو قليلاً من الوقت ، بمفردي ، أو مع
أحد الأصدقاء ، معي حاسوبي و أنا اكتب و أدوّن .
و أشعرُ احياناً ان ما يوجد هُنا ليسَ مُلكي فقط ، و
إنما هو وقفٌ عام للمهلوسين ، ولرفاقِ الحرفِ حتى يتنفسونَ منه حينَ يشاؤون ، فلا
يحقُّ لي حتى أن اقتله ، أو أدفنه حياً في صدري !
عندما اجتاحتني تلكَ الرغبة الأولى في الحصولِ على كتابٍ
يدّون اسمي في بدايته ، رُبما كانَ بدافع الشغف أولاً ، او تخليداً لذكرى ، أو
رُبما هوَ حلم سخرتُ منه كثيراً في طفولتي ، و لا زالَ البعضُ حتى اليوم يسخر عليّ
منه !
و حينما قررتُ حينها قبلَ عامٍ من الآن أن اكتب كتاباً ،
و اشتعل حماسُ البعض معي ، و بدأت فيه ، حتى أتاني ذاك الشعور في البحثِ عن اسمي
بينَ اسطره ، ولم أجدهُ ابداً ، فوأدته !
و لأنني أنانيةٌ جداً حينما تعلّق الأمر باسمي فقتلته
بكلّ ادنى برود بضغطة زر ، أو أنني لم أفكر حتى أن أنسخ ما قد دوّنت هُناك ، وكنتُ
من الأنانية حتى أنني لم أرهِ النور ، فوأدته بكلّ ما أوتيتُ من قوة .
أو رُبما بعدَ أشهر من نهايته أو من نسيان أمره وجدته في
ملفٍ ما وسطَ الملفاتِ وقد كساه الغُبار ، و رُبما حزنتُ عليهِ كثيراً لكنِّ لم
أجدني بينَ السطور أبداً ، فكان عليّ أن ابدأ غيره !
و حينما أجزمت على كتابةِ كتاب ما فعلياً ليخلّد اسمي
فيه رُبما ، كانَ عليّ رُبما أن اقرأ متنفسي من بدايته في التاسع عشر من ابريل حتى
تلكَ اللحظة !
و رُبما لأنني لم أجدني في بعضِ التدوينات كنتُ أرغب
بقتلها ، وكنت موقنة ربما لن يلحظ أحد ، ومن يفعل لن يسأل إلا أني مُنعت من ذلك فتركتها
على حالها ، كما وجدتُ الفرقَ العميق في بعضِ التفاصيل التي سيشعر بها الكثير ممن
كانَ يقرأ ولا زالَ يفعل !
و حينَ أقررتُ أنني سأنجز كتابي الأول كانَ عليّ ان اقرأ
تدويناتي كلّ يوم حتى لا أيأس منه ، وكان عليّ ان ارتشف من حرفي لنفسي ، لأنني
كنتُ دائماً اكتب لأجلي لذلك كان عليّ ان أفعل ، وأن يكون مصلَ ( الحيروفين ) الذي
تعاطيتهُ كثيراً ذا فائدة ، و ذا منفعةٍ ستكون لي دائماً !
وحينَ أنهيته و سلّمته لأجل التدقيقِ و المراجعة ، كنتُ
فخورةٌ جداً لأنني أنجزت ، او ربما فعلتُ شيئاً يستحق ، و رُبما كان شهرين للتدقيق
و المراجعة أمر أثقل كاهلي كثيراً لأنني كنتُ أحتاجُ لرشفةِ طموحٍ في كلّ مرةٍ
أفتقدُ فيهِ كتابٍ يضمني و حرفي !
و حينما سُلمتُ إياه بعد المراجعة خفتُ كثيراً من فتحهِ
للمرةٍ الأولى بعد مراجعته لأنني أدرك حتماً أنني و النحو لا نستوي ، وأنني و بعض
التفاصيل الصغيرةِ التي لا تستهويني و أتجاهلها لأن الأمر متعلقٌ بي فعلياً قبلَ
كلّ احد ، فتحتهُ بعد ساعتين من وصولهِ لأقرأه و ألتهمه بشراهة كألتهامي لقطعةِ
كندرٍ وصلتني من البقالةِ في ذاك الوقت .
و قبلَ أيامٍ من الآن حينَ سلمتهُ لدارِ ألنشر ، ولا
زلتُ بقلقٍ رُبما أنتظر ذاك الاتصال الذي يُخبرني أن ذاك الكتاب سيكونُ حياً يوماً
ما ، ويحملُ اسمي مُخلداً .
و رُبما أتى على خاطري أن أياماً كثيرةٌ ستمضي و أنا
أنتظر شيئاً ما بكلّ تأكيد ، وبعد التسليمِ بفرحٍ عارم و سعادةٌ لا توصف ، و فخرٌ
في قلبي لا أعلم كيفَ وصفه ، احتجت لكتابةِ تدوينةٍ ما عنه ، وفي كلّ حينٍ حينما
ارغبُ بالكتابةِ اتعذّر بشأنٍ ما أو اشغلُ نفسي لأنني أدركُ يقيناً اني ملجمةٌ حتى
الصمت ، حتى الطيران من فرط سعادتي ، حتى البكاء من فرحي ، حتى يبقى كل شيء كما
هوَ عليه ، ولأني أعلمُ أني لن أصفَ شعوري يوماً ، أو ربما يومٌ ما سأفعلُ ذلك ..
!
إلا أن الأحرف التي تُخلّد ستبقى فينا أعمقَ من كلّ شيء
، وكل حرفٍ نكتبه هو مخلدٌ بطريقةٍ أم بأخرى ، بفكرةٍ ام بأخرى ، بهلوسةٍ أم غيرها
، فإن التخليدَ واحدٌ بداخلنا ما دُمنا أحياء ، وما دُمنا نعيشُ بطموح ، ونتنفسُ
أحلامنا بشغف .
( وتينُ الحرف ) حتماً سيكونُ بيني وبينكم يوماً ما ، و
رُبما يكون تلكَ الحلقةُ الموصلة التي تجعلكم تلمسون ما اكتب في ورقٍ يجعلني و
إياكم سعيدةٌ جداً
حديثي لكم هذا اليوم :
عيشوا أحلامكم بشغف ، تنفسوها ، حققوها ، و انتظروها
كثيراً و أنتم تمضون فيها
و كونوا بخير
بالمناسبة : الفجرُ ملهمٌ جداً للكتابة ، لهذا كتبتُ
حديثان في فجرٍ واحد ، و رُبما أُكمل الثالث ، لذلك أسميتني بفجر :"
انتهى #
وفقك الله وبورك في عملك وجعله من من ينتفع به...
ردحذفسنترقب وتين الحرف اكثر مما تترقبينه..