الخميس، 17 يوليو 2014

حديث فجر .. 18




تأتينا أحياناً تلكَ الرغبة بقراءةُ اسمنا الأول مدوناً او يقبع خلفَ السطور ، او نجده مدوناً و قد رُصّع لنا ، و نشتهي كثيراً ان نراه لنبتسم و نفخر بذلك ، و أحياناً تراودني تلكَ الرغبةُ كثيراً ، كثيراً جداً فأول ما أفعله بمجرّد ذلك أن آتي لهُنا قبلَ كلّ شيء ، لأنني أعلم يقيناً أنني سأجدني خلفَ سطرٍ ما ، او بينَ أحرفٍ ما !

أو أجد الفجرُ مدوناً بذاتهِ هُنا ، و مع ذلك إنني دائماً أربط كلّ التفاصيل هنا بذو الفجر القابع في ذاتي ، أو أجدني أنا الأخرى قد دوّنت اسمها الأول لتجدهُ كلّ حينَ دائماً هُنا !

إنني وحينَ اصل لمتنفسي أشعرُ أنني في كوخٍ أعلى شجرةِ كرزٍ كبيرة وقد أصبحت أوراقها ورديّةٍ في فصلٍ ربيعٍ ضُوّع بالضاد ، الكوخ الذي لطالما رأيته في الأحلام و لا زلتُ أحلم بالحصول على مثله !

أو فقط البقاء فيه ولو قليلاً من الوقت ، بمفردي ، أو مع أحد الأصدقاء ، معي حاسوبي و أنا اكتب و أدوّن .
و أشعرُ احياناً ان ما يوجد هُنا ليسَ مُلكي فقط ، و إنما هو وقفٌ عام للمهلوسين ، ولرفاقِ الحرفِ حتى يتنفسونَ منه حينَ يشاؤون ، فلا يحقُّ لي حتى أن اقتله ، أو أدفنه حياً في صدري !

عندما اجتاحتني تلكَ الرغبة الأولى في الحصولِ على كتابٍ يدّون اسمي في بدايته ، رُبما كانَ بدافع الشغف أولاً ، او تخليداً لذكرى ، أو رُبما هوَ حلم سخرتُ منه كثيراً في طفولتي ، و لا زالَ البعضُ حتى اليوم يسخر عليّ منه !

و حينما قررتُ حينها قبلَ عامٍ من الآن أن اكتب كتاباً ، و اشتعل حماسُ البعض معي ، و بدأت فيه ، حتى أتاني ذاك الشعور في البحثِ عن اسمي بينَ اسطره ، ولم أجدهُ ابداً ، فوأدته !

و لأنني أنانيةٌ جداً حينما تعلّق الأمر باسمي فقتلته بكلّ ادنى برود بضغطة زر ، أو أنني لم أفكر حتى أن أنسخ ما قد دوّنت هُناك ، وكنتُ من الأنانية حتى أنني لم أرهِ النور ، فوأدته بكلّ ما أوتيتُ من قوة .

أو رُبما بعدَ أشهر من نهايته أو من نسيان أمره وجدته في ملفٍ ما وسطَ الملفاتِ وقد كساه الغُبار ، و رُبما حزنتُ عليهِ كثيراً لكنِّ لم أجدني بينَ السطور أبداً ، فكان عليّ أن ابدأ غيره !

و حينما أجزمت على كتابةِ كتاب ما فعلياً ليخلّد اسمي فيه رُبما ، كانَ عليّ رُبما أن اقرأ متنفسي من بدايته في التاسع عشر من ابريل حتى تلكَ اللحظة !

و رُبما لأنني لم أجدني في بعضِ التدوينات كنتُ أرغب بقتلها ، وكنت موقنة ربما لن يلحظ أحد ، ومن يفعل لن يسأل إلا أني مُنعت من ذلك فتركتها على حالها ، كما وجدتُ الفرقَ العميق في بعضِ التفاصيل التي سيشعر بها الكثير ممن كانَ يقرأ ولا زالَ يفعل !
و حينَ أقررتُ أنني سأنجز كتابي الأول كانَ عليّ ان اقرأ تدويناتي كلّ يوم حتى لا أيأس منه ، وكان عليّ ان ارتشف من حرفي لنفسي ، لأنني كنتُ دائماً اكتب لأجلي لذلك كان عليّ ان أفعل ، وأن يكون مصلَ ( الحيروفين ) الذي تعاطيتهُ كثيراً ذا فائدة ، و ذا منفعةٍ ستكون لي دائماً !

وحينَ أنهيته و سلّمته لأجل التدقيقِ و المراجعة ، كنتُ فخورةٌ جداً لأنني أنجزت ، او ربما فعلتُ شيئاً يستحق ، و رُبما كان شهرين للتدقيق و المراجعة أمر أثقل كاهلي كثيراً لأنني كنتُ أحتاجُ لرشفةِ طموحٍ في كلّ مرةٍ أفتقدُ فيهِ كتابٍ يضمني و حرفي !

و حينما سُلمتُ إياه بعد المراجعة خفتُ كثيراً من فتحهِ للمرةٍ الأولى بعد مراجعته لأنني أدرك حتماً أنني و النحو لا نستوي ، وأنني و بعض التفاصيل الصغيرةِ التي لا تستهويني و أتجاهلها لأن الأمر متعلقٌ بي فعلياً قبلَ كلّ احد ، فتحتهُ بعد ساعتين من وصولهِ لأقرأه و ألتهمه بشراهة كألتهامي لقطعةِ كندرٍ وصلتني من البقالةِ في ذاك الوقت . 

قرأته بشغفٍ تلكَ الليلةِ المرة الأولى و الثانيةِ و الثالثة و الرابعة ، حتى نمت و أنا ممسكةٌ بهاتفي أقرأه ، لأستيقظ اليوم الثاني وقد فرغ شحنُ هاتفي وحينما فتحته أدركت أن الأخير الذي كنتُ أقرأ هو كتابي ..

و قبلَ أيامٍ من الآن حينَ سلمتهُ لدارِ ألنشر ، ولا زلتُ بقلقٍ رُبما أنتظر ذاك الاتصال الذي يُخبرني أن ذاك الكتاب سيكونُ حياً يوماً ما ، ويحملُ اسمي مُخلداً .

و رُبما أتى على خاطري أن أياماً كثيرةٌ ستمضي و أنا أنتظر شيئاً ما بكلّ تأكيد ، وبعد التسليمِ بفرحٍ عارم و سعادةٌ لا توصف ، و فخرٌ في قلبي لا أعلم كيفَ وصفه ، احتجت لكتابةِ تدوينةٍ ما عنه ، وفي كلّ حينٍ حينما ارغبُ بالكتابةِ اتعذّر بشأنٍ ما أو اشغلُ نفسي لأنني أدركُ يقيناً اني ملجمةٌ حتى الصمت ، حتى الطيران من فرط سعادتي ، حتى البكاء من فرحي ، حتى يبقى كل شيء كما هوَ عليه ، ولأني أعلمُ أني لن أصفَ شعوري يوماً ، أو ربما يومٌ ما سأفعلُ ذلك .. !

إلا أن الأحرف التي تُخلّد ستبقى فينا أعمقَ من كلّ شيء ، وكل حرفٍ نكتبه هو مخلدٌ بطريقةٍ أم بأخرى ، بفكرةٍ ام بأخرى ، بهلوسةٍ أم غيرها ، فإن التخليدَ واحدٌ بداخلنا ما دُمنا أحياء ، وما دُمنا نعيشُ بطموح ، ونتنفسُ أحلامنا بشغف .

( وتينُ الحرف ) حتماً سيكونُ بيني وبينكم يوماً ما ، و رُبما يكون تلكَ الحلقةُ الموصلة التي تجعلكم تلمسون ما اكتب في ورقٍ يجعلني و إياكم سعيدةٌ جداً
حديثي لكم هذا اليوم :
عيشوا أحلامكم بشغف ، تنفسوها ، حققوها ، و انتظروها كثيراً و أنتم تمضون فيها
و كونوا بخير


بالمناسبة : الفجرُ ملهمٌ جداً للكتابة ، لهذا كتبتُ حديثان في فجرٍ واحد ، و رُبما أُكمل الثالث ، لذلك أسميتني بفجر :"



انتهى # 

هناك تعليق واحد:

  1. وفقك الله وبورك في عملك وجعله من من ينتفع به...

    سنترقب وتين الحرف اكثر مما تترقبينه..

    ردحذف