السبت، 26 يوليو 2014

هَلوسة فَجر .. 3 ( أحلامنا على رصيفِ منفى )




يَبدو أننا نحتاجُ لأحلامٍ لا تقفُ على ناصيةَ الطريق و تقولُ لنا اعبروه وحدكم!
أحلامٌ لا تنتظر المنفى حتى تبتسم ..
و يَبدو أن أحلامنا عليها ان تكبرَ قليلاً و تخرجَ من مهدها حتى نسميها حلماً !
يبدو أننا سأمنا من تكوّن المضغَ ثمَ تتلاشى قبلَ أن تحولُ لواقعاً يُجهضُ فنفرحُ به ..
على الرصيف تبحثُ عن شيء ممسكة بمصباحٍ يدوي
تدورُ حولَ نفسها و تدورُ و تدور !


عمّ تبحثين ؟
-          عن حلمي !
أترينه قد سقطَ هُنا يوماً !
-          هو على الرصيف أشعرُ بذلك
وماذا تفعلينَ به ؟
-          أحملهُ ليعبرَ معي !
وأينَ متاعكِ حدثيني طفلتي !
-          إنكِ لو تعلمينَ أني فقدتُ ابي وهو يُدافعُ عن عرضنا ، وأنّي رأيتُ منزلنا يسقطُ في رأس أمي بعد إخراجنا ، و لو تعلمين أني الآن في غربةٍ أستقي حرقة المنفى ، لو تعلمينَ أنني أحدُ أهداف الصهيون ، ولو تُدركينَ أن كلّ ما تبقى لي هيَ احلامي التي على الرصيف ، التي غابت عني و إني ابحثُ عنها لأعبر للجانبِ الآخر ، لما سألتني عن متاعي ..


ابتعدُ عنها ، و أبقى أراقبها تدورُ حولَ نَفسها تبحث عن حلمٍ ضائعٍ لها ، تؤمنُ أنه على الرصيف ، تنامُ بجانب عمود الإنارة ، وتصحو فجراً تبحثُ عنه حتى ياتي الظلام ، وفي كلّ ليلةٍ تنتقلُ من عمودٍ لآخر ، علّها تعثرُ على حلمٍ ما ..
أما وجدتِ حُلمكِ بعد ؟
-          أوجدتِ اسمكِ ؟
من قال أني لا أحمله !
-          لا أراهُ معكِ !
وهل نرى أسمائنا ؟
-          كذلك أحلامنا !
إذاً عمّ تبحثين ؟
-          ابحثُ عن حلمٍ ، كاسمكِ تماماً لا ترينهُ أبداً حينما تحملينه ، لكنّكِ حتماً تجدينه على أوراقكِ الرسميّة ، وفي أشيائكِ و حوائجكِ ، تجدينَ اسمكِ وقد دُوّن أو رُبما لا ، تجدينه هُناك بحرفٍ مكتوبٌ أو حرفٍ قد ضُمّ بينَ الأسطر ، إن اسمكِ حتماً ما مدوّنٌ في مكانٍ ما ، أما أنا أحلامي مدونةُ على الرصيف لا تزولُ منه ، لكنِّ لا أدركِ في أي رصيفٍ قد دوّن تماماً ففي كلّ رصيف هُناك اسمٌ طفلٍ يشبهني لا متاعَ له ، تجدينه يبحثُ عن حلمه تحت عمودِ انارةٍ ما ، أو أنه قد أصبحَ طيراً في الجنةِ قبلَ ان يفعل ، هُناك حتماً من يبحث عن حلمه ..


*صمتٌ يعتريني*


-          أتدرين ؟
ماذا ؟
-          محالٌ لأحدٍ أن يجدُ حُلمه ، ومع ذلكَ لا زِلنا نبحث!
لمَ ؟
-          إننا لا نملكُ اوراق ثبوتية أو اوراقٌ تعود إلينا لنتيقين من أسمائنا !
حتماً اهاليكم أعطوكم اسماً ما قبلَ أن يرحلوا !
-          هم فعلوا ، لكنّ من تُركنا لهم لا يدركون ذلكَ رُبما ، او رُبما نحنُ لا نُدركُ صحةٌ اسمائنا !
حتامَ ؟
-          أتعنين البحث ؟
نعم !
-          حتى أجدُ ذلك الحلم يوماً !


وبقيتُ اعطيها في كلّ يومٍ وردةٍ بيضاء كطهرها حتى تستمرّ بالبحث ، وحينَ أساعدها لا اجدُ شيئاً وبينما تضلُّ تخبرني أنها ترى أحلاماً كلّ يوم تعودُ لآخرينَ مثلها ، وتضلُّ تحكي على وهي تدور على عمود الإنارة متمسكةٌ بهِ بإحدى يديها ، و يدها الأخرى تحملُ الوردة ، وفي كلّ ليلةٍ حينما تنتقل للعمودَ الذي يليه تتركُ الوردةَ على الرصيف وحينما أسالها تضلُّ تقولُ لي أنها ستسعدُ طفلاً ما مثلما أسعدتها ، وأنها تثقُ أنها ستجدُّ في كلّ يومٍ وردةٍ ما بينما هم لن يجدوا رُبما !


يا طِفلتي !
-          لبيكِ
وجدتٌ حلمكِ !
-          أينه !
تعالي لأريكِ إياه !


أمسكتُ يديها ، أغمضتٌ عينيها ، ومشت بجانبي ، ذهبتٌ بها إلى مكانٍ ما ، وهي مغمضةٌ عينيها ، وَصلنا لأمسكُ بها لتجلسَ هُناك ، تطيرٌ عالياً في الهواء وتعودُ لي لأدفعها بقوة ، وأسمع رنينِ ضِحكها وفرحها يترددٌ في صدري بسعادةٍ اكبر تُشبهها ، أمسكتها وأزلتُ غطاء عينيها ، لأستمر بدفع الأرجوحة لتطير بها إلى الهواءِ عالياٍ حتى قفزت على الرملِ وهي تضحك ، حَملتها لأشتري لها بوضة وفوشار ، تلعبُ بسعادتها العارمةِ مع الأطفال هُناك ، أتتني وفي يدها وردةٌ بيضاء ، تقولُ لي تُشبهكِ تماماً !
احبكِ طفلتي


-          وجدتُ حُلمي !
أينه ؟
-          هُنا ، تشيرُ غلى الوردةِ البيضاْء !
هنيئاً لكِ به !
-          إنكِ حُلمي إذ أنتِ وردتي البيضاء .. !



ابتسم لها ، بعمق ، اكتب في الصفحةِ الأخيرة يوماً ما سنجدُّ كلّ احلامنا الضائعةِ على رصيف ، وجدتُ حلمها فيّ وحلمي فيها ، انتهى ..
أغلقتُ حاسوبي على الصفحةِ الأخيرة من الرواية التي كتبتها ، وجدتُ حلمي على رصيفٍ المنفى ثم ابتسمت ")





أتدرون!

كانت هُناك ، طفلةٌ انا ، وكان هناك حلمين ، وبالدعاء تحققا ، كونوا بخير

هناك 7 تعليقات:

  1. أثقُ بأنكِ ستكونين روائية يومًا ما لا كاتبة فقط!

    ردحذف
    الردود
    1. يااا الله رواء ..
      رُبما ، وعسى ♥

      حذف
  2. لن أتحدث عن جمال ما سطرت
    فالصمت في حرم الجمال جمال


    لكن لم أتمالك نفسي للتعليق على جمال الطلة
    البنفسجية الجديدة!
    أحببتها جدا

    ردحذف
  3. انت هنا !!!
    *بو قلوب*
    كنت متوقعة الامر ')
    شكراً

    ردحذف
  4. يالروعة التوصيف ...
    اعشق مثل هذة الحروف..

    ردحذف
  5. كلماتك.. تغرقني ف الخيال
    شفتي اعرف اكتب تشبيهات
    خلاص بروح اكتب احسن منك
    ههتهه

    ردحذف
    الردود
    1. اسوم ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
      كتبي كتبي بارك الله فيك !
      منوره على فكرة !

      حذف