أخبرتكَ ذات مرة تحتَ الغيمِ انها رحلت ، و حادثتكَ وقتها وقلت لي لا بأس
من رحلوا سيجمعنا الله في الجنّاتِ معهم ، تبّسمتَ حينها و ابتسمتُ أنا لينطفئ
شيئاً من الألمِ داخلي ، أخبرتكَ ذاتَ مرة ، أن من لا يأخذكَ للجنّة ليسَ بصديق ،
طلبتَ مني ألا تغيّر أبداً ، ألا أكون مثلهم ، و اكون مختلفاً جداً ، و أنتَ تدركُ
أني لن أتغيّر !
أخبرتني ذاتَ مرة أنكَ سعيدٌ لأنك تعرفني فهل أخبرتك يا صديق عن سعادتي بك
يوماً ؟ لا أعلمُ ما أقولُ لكَ سوى أنكَ تشعلُ روح مبسمي كلما رأيتك ، وفي كلّ
صباح أراكَ حتى يطمئنَ قلبي ، حتى تسكن روحي وتدركُ أنكَ معها على خطىً واحدة
ثابتة .
في تلكَ المرةُ يا صديقي حينَ تصاعد فيّ الألم ، حينما حادثتني و الخوفُ
يملؤ عينيكَ أدركتُ حقاً أني أخافُ عليكَ من كلّ شيء ، و أخافُ أن يأتي ذاك اليوم
وتعصفُ بيَ الحياةُ بعيداً ، وقتها سيعصركَ الألم ، و سأكونُ مثلهم .. قد رحلت !
يا صديقي .. أنا حينَ انظر إليك ، اتأمل عميقاً خلفكَ ، خلفَ بابِ العامود
الذي سنلتقطُ أمامه صورةً تذكارية ، انظرُ للعمقِ البعيدِ في صلاةِ الفجرِ في
الأقصى ، في الإتكاء على أحدِ الجدران لنكتب هُناك معاً ، في تلكَ المرةُ يا صديق
حينَ قلتُ لكَ أننا سنذهب إلى القدسِ معاً ، علت سماء الحبّ في صدري لك ، حتى أنني
وقبلَ أن أنام أجددُ ذاكَ العهدُ لنفسي أننا في الأقصى – بإذن الله – مصلون .
على بابِ الأقصى ذاتَ مرةٍ رأيتنا في الحلمِ نتحادثُ تحتَ ضوء القمر ، نحكي
قصةَ بطولات أمتنا ، ونحكي أحلامنا التي كَبرت ، لتقولَ لي أتذكرُ ذاك الليلُ الذي
خططنا لهذا فيه ، في الأقصى يا صديقي حينَ نصلُ إليه ، سنكونُ سعداء به .
سنطوفُ في يافا وحيفا ، وسنزور بيت اللحم و الخليل و سنبقى على شواطئ غزة ،
نتأمل الطهرَ فيها ، التربُ التي خُلطت بدمِ الشهداء ، وهُناك في فلسطين يا صديق ،
حينَ تكونَ حرّة ، وحينَ تدوّنُ الأمجاد فيها ، سيهدأ ذاكَ القلقَ الذي يراودنا
كثيراً لحالِ أمتنا !
يا صديق .. لا أعلمُ أيُّ ذكرى تلكَ التي أرويها عنك ، فكلّ الذّكرى مكللةً
بالأحلام التي تُبنى ، و أحلامنا التي تحلّقُ معنا ، تسافرُ بنا طويلاً ثمّ تحيي
روحنا تارةً أخرى ، ويبقى حُلمنا الموشوم في الجانب الأيسرِ من صدرينا باللقاءِ
هُناك : على أبواب الجنّة !
خاطبتكَ يا صديقي تلكَ المرةِ عن شوقِ الجنّة ، عاهدتني أن نمضي إليها ،
عاهدتني أن تمسكَ بي من فوهةِ الضلال ، أتذّكرُ حينما تمضي في عهدك ، وحينما
تذكرني بالجنّة كي يطمئن قلبي.
يا صديق .. على قارعةِ الطريقِ ذاتَ مرةٍ تصادفنا ، فنبضتَ أحلامنا بالحبّ
وكبرت بداخلنا ، فلا تترك حلمي وحدي ، وابقَ على وعهدك يا صديق !
أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنك مختلفاً جداً عن الجميع و أنّ وجودكَ معي يعني لي
الكثير ؟ و أنكَ حينَ تكونُ بخير يطمئنُ قلبي ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أن مبسمي كلّ
صباحُ يزدانُ بعد رؤياك ؟ و أنكَ حينَ تضحك تشعلُ فيّ أملاً بالحلمِ الطويل ؟
أأخبرتك ذاتَ مرة أن صداقتنا تمتدُّ إلى بابِ الجنّة ؟ حتى يقال لنا "
ادخلوها بسلامٍ آمنين " ؟
أأخبرتكَ ذات مرة أن تمسك بالعهودِ بيننا ولا
تتركني ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنكَ الأقربُ إلى قلبي فلا تبتعد ؟ و أنكَ موشومٌ في
الجانبِ الأيسرُ من صدري فلا تتغيّر عليّ ؟ أقلتُ لكَ أني أشتاقُ للجنّة معك ؟ و
أني أحبك ؟ حسناً ها أنا ذا أخبرك بذلك !
، و أخافُ أن يأتي ذاك اليوم وتعصفُ بيَ الحياةُ بعيداً ، وقتها سيعصركَ الألم ، و سأكونُ مثلهم .. قد رحلت !
ردحذف