الخميس، 20 نوفمبر 2014

تَماسك يا صديقي .


صديقي .. أتذكرُ تلكَ الورقة التي صفعتكَ و أنتَ تمشي بينَ الأشجار في ذاك الطريق ، أتدركُ تبسمّك وأنتَ تُزيلها عن وجهك ، لترمي بها لتكمل سفرها في الهواء ، هل تفكرتَ يوماً في مصيرِ تلكَ الورقة التي غَلب اصفرارها الإخضرار .. ماذا لو أنها تماسكت وبقت في قمةِ شجرة الصنوبر التي تجيدُ الكتابةَ تحتها وتأتيكَ ربّة الإلهام ؟

صديقي .. أتذكرُ تلكَ المرةَ حينما تعلقت عينانا وبكيت ؟ تتألمُ من وجعاً يحرقُ صدركَ وبكيت ؟ حينما بقت الصورةُ محفورةٌ في بؤبؤ عيناي ، ثمَ تبّسمتَ يا صديق ؟ تلكَ الصورةُ لبريقَ عينيكَ وأنتَ تمسحُ الدمعَ اليتيمِ بطرفِ كُمِّ ثوبكَ لا زالتَ معلقةُ لم تسقطُ من عيناي ، أتذكرُ حينما حادثتني وتلوتَ سورة يوسفُ وقتها ، ضِحكنا معاً ثمّ كُنّا بِخير ؟

صديقي .. أتذكرُ حينما أمسكتَ بتلكَ الورقةُ التي خُطّت فيها الأحلام ومددت يدكَ لتقولَ لي : هيّا نُحققها معاً ؟ ثمّ مضينا نخططُ طوال الليل حتى غفوتُ فجأةً! و جائكَ الإتصالُ أن قُم للهِ قبلَ الفجرِ ركعتين ؟ أتذكرُ حينما عاتبتني لأني نسيتُ الأذكار في ذاكَ الصبحُ من العامِ السابق ، ثمّ قلتَ لي لا بأس لنقرأها معاً ، ثمّ تبسّمنا وكُنا بخير ؟

صديقي .. أتذكرُ حينما قلتُ لكَ اكتب لي ، فقلتَ لي لا يطلبُ أحدٌ أن يكتبَ له ، فقلتُ لكَ أني أفعل ، ووعدتني بأن تكتبَ حينما تُلهم ، وجائني طيفكَ بحروفٍ قرأتها طويلاً و أنا باسم الثغر سعيداً ، أتذكرُ حينما قلتَ لي شيء هذا بالنسبةِ لك لكنّ السعادة كانت تُحلقّ بي ، ثمّ تبسمنا معاً ، وكُنّا بِخير ؟

صديقي .. الأحاديثُ الطويلُة بيننا ستضلُّ محفورةٌ فينا ، الذّكرى التي كُنا نصنعها معاً ، أحلامنا وخيالنا وكلّ ما هوَ يحملنا في دربِ الجنّةُ نحنُ له مخلصين .. سنكونُ في ذلكَ الطريق حتى نُخلّد في جنةِ الخلدِ متجاورين ، حتى نتبسم ، ونكونَ بخير ..

صديقي .. توّجعكَ لا يؤلمني مثلما يجعلني أحدّثُ الله كثيراً عنك ، لا أعلمُ أيّ شعورٍ قد أصابك ، و أيُّ قلبٍ قد ألجمكَ الحديث ، و أيُّ حرفٍ توقفتَ فيهِ عن الحديث ، لكنّ تماسكَ يا صديقي فأنتَ بخير ..

صديقي .. ألا يستحقُ الحرفُ أن تبتسم ، أن تعيدُ الفرحَ في قلبك و تُزهر ، أن تستجيبَ لنداءِ الحياةُ في صدرك ، أن تستفيق من كسرِ قلبكَ يا صديق ، أن تعودَ لتلكَ الصورةُ العالقةُ في بؤبؤي حينما تلاقت عينانا بفرح ، أن تتذكر الشّعور الذي يراودكَ حينما تمضي متفائلاً ممُسكاً بغصنِ الياسمين!

صديقي .. أن تُدركُ انها ليستَ جنّة ، و إنا لله و إنا إليه راجعون ، وتُدركُ أن طريق الأملَ ممتداً إلى الجنّة ، و أنكَ حينَ تبتسمُ يَكبرُ في قلبي ربيعاً زاهراً .

أتدري يا رفيقي .. لستَ كأيُّ رفيق ، ولستَ كأيُّ أحد ، وحدها عيناكَ من تجعلني ابتسمُ عمق ، رؤيتكَ كلّ صباح باسِمَ الثّغرُ تحييني مرةً أخرى ، فلا تبتأس أبداً يا رفيق .

صديقي .. أولُ أحرفنا المكللةِ بالحبِّ كان تحلّقُ فوقَ الغيمِ تلكَ المرة ، أحاديثنا كانتَ تتوقُ للجنّة في كلّ مرة ، و أنتَ تُدركُ يقيناً أني لا أعرفكَ كأي صديق ، بل أعرفكَ كقلباً تُزهرُ في الحياة .

صديقي .. حينما همستَ لي ( ارجعيها ) أظنني تجاهلتُ كلُّ بقايا الأحاديث ، أظنني تركتُ البكاءَ العميق ، و الصمتَ الطويل ، و الكتمانُ و انفجرّت بالحديثِ معك ، كيفَ أفعل ؟ السؤالُ كانَ صعباً بالنسبةِ لي! لكنّك حتماً كنتَ تجيدُ نسجَ الفرحِ في قلبي حتى نسجته ، وهذه المرةَ يا صديق لن اتألم ابداً ، وسأكونُ مزهرةُ بقلبٍ أبيضا .
صديقي .. ثمةَ فرحٌ كامنٌ وسط الوجعَ ، ثمةَ تبسمٍ مختبئٌ بينَ الحروف ، ثمةَ ذِكرى و ثمةَ احلامٍ توصلنا إلى الجنّة ، لذلكَ رغمَ أيّ شيءٍ وكلّ شيء تماسك يا صديقي .

حديثٌ أخيرٌ يا صديقي .. الأحرفُ التي لا تُكتب ، الحكايات التي لا تُروى ، والتفاصيلُ التي لا تُفقد لا تُخبئ عنك ، الكتمانُ لا يَعرفك ، فأنتَ صديقٌ تقرأ القلبَ حينَ يبتسمُ الثغرُ ألماً ، لذلك تبسّم دائماً يا صديقي .. و كُن سعيد !
تَماسك حتى رمقُ الفرحِ الأخير ، حتى تنّفسكَ الأخير .. حتى تجمعنا جنّة الخلد تماسك في هذا الزوالِ يا صديق .. كُن كورقةٍ اخضّرت فلم تُصفّر ، تماسكت ولم تَذبل ، كُن كالشجرةٍ أصلها في الأرضِ ثابت و امتدت إلى السّماء ، كُن دوحٌ للجنّة يا صديقي .. تماسك حتى نُخلّدُ فيها .

تماسك لأجلِ الجنّة يا صديقي .. تماسَك لأجلها !









هناك 4 تعليقات:

  1. يا صديقي ....ستضل يكتنفك دعائى الى آخر رشفة من هواء تتغلغل في .. بأن يرعاك الله... أن يجعلنا في منابر من نور يوم نلقاه..فلا تبتئس ....الملتقى الجنة ♡♡

    ردحذف
  2. كلام جمييييل

    ردحذف
  3. صديقي .. ثمةَ فرحٌ كامنٌ وسط الوجعَ ، ثمةَ تبسمٍ مختبئٌ بينَ الحروف ، ثمةَ ذِكرى و ثمةَ احلامٍ توصلنا إلى الجنّة ، لذلكَ رغمَ أيّ شيءٍ وكلّ شيء تماسك يا صديقي .

    ردحذف
  4. صديقي تشابهنا في كثرٌ من تفاصيل حياتنا وقد تعوتُ عليك وإليك ف لا تبعد عني بك اقوى واستريح

    ردحذف