الجمعة، 28 نوفمبر 2014

البوحُ قاتلٌ يا صديقي .

يا صديقي .. أعلمُ أنكَ كثيراً ما تقرأ ، تُفكر ، ثمّ تصمت ، فيأسركَ الصمت و يوجعك الحال ، لكنكَ تدركُ انكَ تملكُ حرفاً يلتوي بالفرح فنقرأ منه الوجعَ فرحاً و نتفاءل به .

أدركُ يقيناً ما بصدرك من حديث ، ما لا تستطيعُ البوحَ به لأنكَ ستُخنقُ به ، لأنه سيسأسركَ ويؤلمكَ كثيراً ، البوحُ بهِ قاسٍ قد يودي بحياتكَ هدراً ، أدركُ ذاكَ الذي الصوتُ المبحوحُ في صدرك ، التي لن تُسمع صرخاته ، ولن يُستجاب لندائاته ، أعلم ذلكَ ما بقلبكَ من حديث ، وما بفكركَ من حروف ، وما بكَ من صمتٍ يحرقك !

صديقي .. تلكَ الحوارات التي قرأتها وأنتَ مختبئ خوفاً من أن يروكَ فيجرحوكَ بالحديث ، الأحرف التي خبئتها عن أعين الجميع وحدهُ الله يعلمها ، و الكبتَ الذي أنتَ فيه وحده الله من سيسمعُ حديثكَ وندائك ، فقط احمِ نفسكَ من الجراح ، ومن كلّ شيء ، أخلو مع الله ، وهاجر دونهم ، سافر بعيداً في المَدى و ابتسم .

قلتُ لكَ تلكَ المرة حادثني يا صديقي .. فقلتَ لي تلكَ الحكاية التي أعادها جدّك لمسامعك في كلّ مرة ، حكيت لي الحكايةُ الأسطورية التي يجهلها عن البعض ، عن المرأة التي تملك أحدَ عشرةَ اخت ، وفي يومٍ ما حينَ أدخل ابنائها الضيوفَ الغرباء لمنزلهم ، و أكرموهم طويلاً كانوا يظهرون الكرمَ وما ترّبوا عليه ، حتى اغتُصِبَت أمهم ، و قتلَ أولُ أبنائها ياسين ، تلكَ المرةُ هُجرت ، وتُركت ، كل أخوتها تخلّوا عنها ، رأؤوها مخيفةً تشتهي الإنتقام ، أو أنها مكسوةٌ بالعار ، ابتعدوا شيئاً فشيئاً ومضوا دونها في حيواتهم ، وهي تنكسرُ شيئاً فشيئاً حتى غزاها الشيبُ وهي تهمسُ انقذوني ..

كَبت الأخوات بعيداً عن اختهم ، وكلٌّ يشتهي أن يكونَ بعدَ والديهم هوَ المسؤول عن الجميع ، فتقارب الأعمار بينهم لا يعطي أيٌّ منهم الحقَّ في أن يقولَ أن الأكبر بينكم ، أو أنني المسؤول عنكم ، تزدادُ الصراعات بينهم بهدوءٍ غريب ، يلحظه البعضُ ويتجاهله ويتحدثُ فيه الآخر حتى ينتقمون منه ويصمت بعدها في قبرهِ إلى الأبد !

يوماً ما أعلنتَ احد الأخوات أن لها الحقَّ بكلّ شيء ، و أزهرت ، تراقصت فرحاً بالسيادة ، أشرقت ربيعاً و كانت فجراً منيراً ، حتى أثارت غيرةُ أختيها ، فتسللا على حينِ غفلةٍ في ليلةٍ ما لمحاولة قتلها ، جرحاها في كبدها بسيفٍ حاد حتى سقطت مغشياً عليها ، ظنّت الأختين أنها توفت فسارعتا بالهرب ، لكنّها لم تتوفَ فُجرحت كثيراً وابتعدت محاولةً ان تطوي جراحها من خيانةِ اخواتها !

أخوة يوسف و غدرهم ، يبدو أنهم أقلُ خبثاً من إخوةٍ نسوا دستورَ من سبقهم من أبائهم و أجدادهم ، نسوا أن السيادةُ التي بينَ يديهم ستبتعدُ عنهم ، وكلٌّ يحاول صنعَ فخٍ لأخيه !

ثمّ ماذا ؟ أتدري يا صديقي أنتَ تدركُ تماماً ان أولئك الأخوة لن ينعموا بسلامٍ يوماً ، فدعاءُ اختهم المظلومةً يشتدُّ عليهم كلّ ليلة ، وحديثها مع الله حتى الفجرِ يبقى موشوماً في صدورهم جراحاً !

أتدري يا صديق .. ذاتُ مرةٍ رأيت أحدُ الأخوة يحاول تبرئة جراحهِ ، يمشي طويلاً في الطرقات مغنياً ، يرقصُ برايةُ دمائه حتى أصبحَ مهووساً برايته ، إخوةٌ لم يولدوا في رحمِ الحياةِ لكنّهم خنقوا أنفسهم !

أتدري ماذا بعد .. أنتَ تدركُ ان جدّك حكى لكَ تلكَ القصة حتى تكونَ مع اخوتكَ كريماً ، حتى تبقى معهم دائماً وتخافُ عليهم من كلّ أذى .. أولئك الإخوةُ لم يكونوا يوماً إخوة !

إنهُ مجرّدُ وهمٌ انهم إخوة ، يتناقله الأجداد ليحكوها لأحفادهم ، و تقوّي بها الجدّات علاقتهنّ مع حفيداتهن ، إنها قصةٌ وهميةٌ أسطورية ، تجري كالدمِ فينا ، متمسكينَ بذاك الوهم ، لن نسستيقظَ منه مرةٌ ابداً !

لا بأس ، ادركُ يا صديقي أنكَ في اشتياقٍ لتروي تلكَ القصة لحفيدك ، لكنّ فكر إن كتبتها قبلَ تلكَ المرة هل سيتركك الإخوة ؟ سيقتلكَ الوهمُ من التفكيرُ بهم !

يُحكى أنها لعنةٌ تصيبُ راويها في كلّ مرة ، فيهذي بها كثيراً حتى يتبخرُّ جسدهُ في السماء ويرحل .

ابقي حديثكَ بصدركَ يا صديقي .. فليست كلّ القصصِ تروى ، وللبيوت حُرمات ، وليسَ كلّ ما في القلبِ يُباح به ، احذر يا صديقي .. بالبوحُ قاتلٌ أحياناً !

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

إلى باب الجنّة يا صديق .



أخبرتكَ ذات مرة تحتَ الغيمِ انها رحلت ، و حادثتكَ وقتها وقلت لي لا بأس من رحلوا سيجمعنا الله في الجنّاتِ معهم ، تبّسمتَ حينها و ابتسمتُ أنا لينطفئ شيئاً من الألمِ داخلي ، أخبرتكَ ذاتَ مرة ، أن من لا يأخذكَ للجنّة ليسَ بصديق ، طلبتَ مني ألا تغيّر أبداً ، ألا أكون مثلهم ، و اكون مختلفاً جداً ، و أنتَ تدركُ أني لن أتغيّر !

أخبرتني ذاتَ مرة أنكَ سعيدٌ لأنك تعرفني فهل أخبرتك يا صديق عن سعادتي بك يوماً ؟ لا أعلمُ ما أقولُ لكَ سوى أنكَ تشعلُ روح مبسمي كلما رأيتك ، وفي كلّ صباح أراكَ حتى يطمئنَ قلبي ، حتى تسكن روحي وتدركُ أنكَ معها على خطىً واحدة ثابتة .

في تلكَ المرةُ يا صديقي حينَ تصاعد فيّ الألم ، حينما حادثتني و الخوفُ يملؤ عينيكَ أدركتُ حقاً أني أخافُ عليكَ من كلّ شيء ، و أخافُ أن يأتي ذاك اليوم وتعصفُ بيَ الحياةُ بعيداً ، وقتها سيعصركَ الألم ، و سأكونُ مثلهم .. قد رحلت !

يا صديقي .. أنا حينَ انظر إليك ، اتأمل عميقاً خلفكَ ، خلفَ بابِ العامود الذي سنلتقطُ أمامه صورةً تذكارية ، انظرُ للعمقِ البعيدِ في صلاةِ الفجرِ في الأقصى ، في الإتكاء على أحدِ الجدران لنكتب هُناك معاً ، في تلكَ المرةُ يا صديق حينَ قلتُ لكَ أننا سنذهب إلى القدسِ معاً ، علت سماء الحبّ في صدري لك ، حتى أنني وقبلَ أن أنام أجددُ ذاكَ العهدُ لنفسي أننا في الأقصى – بإذن الله – مصلون .

على بابِ الأقصى ذاتَ مرةٍ رأيتنا في الحلمِ نتحادثُ تحتَ ضوء القمر ، نحكي قصةَ بطولات أمتنا ، ونحكي أحلامنا التي كَبرت ، لتقولَ لي أتذكرُ ذاك الليلُ الذي خططنا لهذا فيه ، في الأقصى يا صديقي حينَ نصلُ إليه ، سنكونُ سعداء به .

سنطوفُ في يافا وحيفا ، وسنزور بيت اللحم و الخليل و سنبقى على شواطئ غزة ، نتأمل الطهرَ فيها ، التربُ التي خُلطت بدمِ الشهداء ، وهُناك في فلسطين يا صديق ، حينَ تكونَ حرّة ، وحينَ تدوّنُ الأمجاد فيها ، سيهدأ ذاكَ القلقَ الذي يراودنا كثيراً لحالِ أمتنا !

يا صديق .. لا أعلمُ أيُّ ذكرى تلكَ التي أرويها عنك ، فكلّ الذّكرى مكللةً بالأحلام التي تُبنى ، و أحلامنا التي تحلّقُ معنا ، تسافرُ بنا طويلاً ثمّ تحيي روحنا تارةً أخرى ، ويبقى حُلمنا الموشوم في الجانب الأيسرِ من صدرينا باللقاءِ هُناك : على أبواب الجنّة !

خاطبتكَ يا صديقي تلكَ المرةِ عن شوقِ الجنّة ، عاهدتني أن نمضي إليها ، عاهدتني أن تمسكَ بي من فوهةِ الضلال ، أتذّكرُ حينما تمضي في عهدك ، وحينما تذكرني بالجنّة كي يطمئن قلبي.

يا صديق .. على قارعةِ الطريقِ ذاتَ مرةٍ تصادفنا ، فنبضتَ أحلامنا بالحبّ وكبرت بداخلنا ، فلا تترك حلمي وحدي ، وابقَ على وعهدك يا صديق !

أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنك مختلفاً جداً عن الجميع و أنّ وجودكَ معي يعني لي الكثير ؟ و أنكَ حينَ تكونُ بخير يطمئنُ قلبي ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أن مبسمي كلّ صباحُ يزدانُ بعد رؤياك ؟ و أنكَ حينَ تضحك تشعلُ فيّ أملاً بالحلمِ الطويل ؟ أأخبرتك ذاتَ مرة أن صداقتنا تمتدُّ إلى بابِ الجنّة ؟ حتى يقال لنا " ادخلوها بسلامٍ آمنين " ؟ 

أأخبرتكَ ذات مرة أن تمسك بالعهودِ بيننا ولا تتركني ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنكَ الأقربُ إلى قلبي فلا تبتعد ؟ و أنكَ موشومٌ في الجانبِ الأيسرُ من صدري فلا تتغيّر عليّ ؟ أقلتُ لكَ أني أشتاقُ للجنّة معك ؟ و أني أحبك ؟ حسناً ها أنا ذا أخبرك بذلك !


الاثنين، 24 نوفمبر 2014

انظر بقلبكَ يا صديقي .


عندما تتعمقُ في الأشياء ، لا يُصبحُ لعينيكَ معنىً عميق ، تُصبح عينيكَ مجرّدة من الرؤية ، وكأنها لا ترى البعيد ، و إلا ترى إلا الجزء الطفيف من النصوصُ المحفورة ، حينما تنظر بقلبك يا صديق يُصبح للحياةِ معنى أجمل !

عندما مُنحت الحياة في هذا العالم فأنت تملكُ الفرصة لتكون سعيد ، لتصنع سعادتك بنفسك ، لتقرأ الأشياء بعمق ، لتنظر إليها بقلبكَ لا بعينيك ، عندما يمنحك الله الحرف ، من واجبك أن تكتب ولو كان حرفاً ضئيلا ، و حينما تعطى سبباً لتحزن ، عليكَ أن تمنح نفسك أسباباً للفرحِ ليسَ إلا .

أولئك الذين رحلوا عن قلوبنا ، الله يفسحُ مساحاتٍ أخرى لأشخاصٍ آخرين سيكونون أجمل في حياتنا ، أولئك الذين رحلوا لم يكونوا مُخلدين ، انظر بقلبكَ يا صديقي  فرحيلهم علّمنا درساً ، انظر بروحك يا صديقي أنكَ لا زلتَ تحيا ، و أنكَ قد تعيش!

انظر بقلبكَ للحبِّ المخبوء في قلبك ، انظر للأحاديثِ الطويلة و حكايا الياسمين ، انظر لمعنى الحبِّ للجناتِ يمضي ، انظر له ، ابتسم ، لا تبتأس ابداً يا صديق ، فالحبَّ يروي دربنا ، و اللهُ أقربُ للوريد في كلّ حالات السكون .

انظر بقلبكَ لظلمات الليل قبلَ الفجر يا صديق ، لعلّ الشاعريةُ تستفيقُ بداخلك ، لعلّ ديوانَ القصيد سيبدأ مع ذاكَ الظلام ، انظر بقلبكَ للحروف ابتسم مع شروق الفجر ، لا تبتأس !

من حرّك الأحلام حينَ استفاقت داخلك ، من قرّب الأشياءُ كالآمال في حرفك ، من مارسَ الأشواقَ بين صفوفِ روايتك ، من علّمك من خاطبك ، من أرشدك أن هذا الوجعُ يوماً ، مع غروبِ الشمس يأفل ، أن ذاك الشّغفَ يكبر ، و أن الألم ليسَ مخلداً في عمقِ قلبك ، انظر بقلبكَ في تفاصيل المساء أن الفرحَ دوماً قادمٌ ، وأنه مع ظهور الفجرِ يشرق .

من يواسي شهقاتُ قبل الفجرِ بالفقدِ الأليم ، من يُشبعُ الإلحاح للقاءِ بداخلك ، من يروي أحلام الخلود بجنّتك ، من يجيبُ تراتيل السماء من عمقِ خوفك ، من يُنسيكَ الوجع ويحفرُ الفرحُ في وسطَ قلبك ، انظر بقلبك !

اللهُ مع أمنيات الفجرِ يرويها ، و تَكبرُ في عمقِ قلبك ، اللهُ يُزهرها و ينبتها فتفرحنا ، اللهُ يخلقها من قولهِ لها كُونِ فتكن ، الله يصنعُ أمنيات و معجزات ، كانشقاق القمر في حضورِ قريشِ تُصدم ، اللهُ أحال بعصاهُ لحيّة تسعى و تأكل ، الله شقّ البحرَ شقينٍ لموسى حينَ يعبر ، الله مع هذا وذاك في حاجتهِ و احتياجه ، انظر بقلبك !

" نواصينا بيدك ، ماضٍ فينا حكمك ، عدلٌ فينا قضائك " ، للهِ نخضع فنأمن و نطمئنُ بعدلهِ ، اللهُ يروي جفافَ حديثنا ، فانظر بقلبك ، حدّث الله كثيراً يا صديق ، حدّثهُ عن وجعك وفرحك ، اسجد له ، ابكِ و اروي له ما قد يوجعك ، الله وحدهُ يسمعك ، انظر بقلبك !

الله يسمع دويّ كسرك ، و يسمعُ وجعُ جرحك ، الله يطمئننا إن البشرى لذاكَ الصبرَ يوم الحساب ، و بهِ في الفردوسِ نقطن ، الله يا صديق وحده من يسمعك ، وحده من يحتويك ، وحده من يخفف عنك عن أوجاعك السبعون ، و يطفئُ غليل وجعك ، الله حينَ تبتأس ، انظرُ بعمقٍ الليل في قلبك ، تحدّث ، قُل يا الله حتى يبحّ صوتك !


ابتسم ، لا تبتأس ، افرح وامضي بالسّعادةُ في الطريق ، الله وحده من يكون معك ، انظر بقلبك يا صديق .. إن الله معنا !

الأحد، 23 نوفمبر 2014

العطاءُ جنةٌ يا صديقي .


يا صديقي .. أراودك ذاكَ الشعورُ بالبُؤس من هذا العالم ، حين اسودّت الدّنيا في عينيك ، حينَ حاصرك الألمُ تلكَ المرة ، فبقيتُ مكللاً بالوجعِ متألما ، تخيّل أنكَ تمضي متمنياً ان تخطفكَ السّماء ، أن يأخذكَ الرحيلُ من هذا العالم ، أن تتلاشى من الحماقة التي تؤلمك ، ليأتيكَ نداءً أن هناك من يحتاجُ الحياة ، يتسللُ إليكَ ذاك الطيفَ أن هبهُ دمائك ، أحييه مرةً اخرى لعله للمسجدِ الأقصى سيكونُ مُحررّ ، تذهب هُناك تنسلّ الدماءُ منكَ قطرةً تلوَ قطرة ، ومع كلّ قطرةٍ يتلاشى بريقُ الوجعِ من عينيك ، تُزهرُ ابتسامتكَ بسماعِ الدعوات تنهمرُ عليكَ مثلُ السيل ، تلكَ المرة أُزيحَ كلّ الوجعُ الذي بداخلك ، كُفّن الحزنُ وقتها ، لُيدفن دونك في السّراب ، يرحلُ مع الوهم ، كنتَ سعيداً جداً ، لتدركَ حينها أن العطاء جنّة !

أتذكرُ تلكَ المرةَ يا صديق حينما تبسّم الشغفُ فيك ، حينما أزهرت ربيعاً يانعا ، حينما أعطيتني كفيكَ لتقولَ لي : هيّا لنعطي ، حينما حادثتني وقلتَ لي أنكَ تتألم وأنك حزين ، و العطاء كفيلاً لأن يغسل روحك من كلّ وجع ،  حينما قلتَ لي أنكَ تظنّ ان احد دعوات من أعطيت أمطرتكَ بي ، أتدري يا صديقي العطاءُ جنّةُ في هذا العالم البائس و أنت لا تحتاجُ إلى احدٍ ليلقنّك هذا الدّرس ، فقد حفظناهُ غيباً من افعالك !

أتدري يا صديق ، ذاتَ مرةٍ أعطتيني الفرحُ مغلفاً من بسمةِ ثغرك ، وهي تخبرني أن الدربَ محفورٌ إلى الجنّة ، و أعطيتني الحبّ من بريق عينيكَ وهي تروي الشوقَ لجنّةِ عرضها السماواتِ و الأرض فيها متجاورين .

أتدري يا صديقي أعطيتني تلكَ الليلة الإطمئنانَ بعد الوجعِ في حلكةٍ الليل بحديثٍ معك ، أدركتُ فيها أني سعيدٌ جداً ، أعطيتني وكنتَ كريما ولم تبخل ، أعطيتني جلّ وقتكَ لتحوي الوجعَ وترمي به في رمادِ الصفحةِ المحروقة من بؤسِ ذاك اليوم ، أخبرتني يا صديقي أن العطاء جنّةٌ دونَ أن تتعمد فعلَ ذلك!

يا صديقي .. حينما أعطيتني الحرفَ إلهاماً منكَ موشوماً على طهرَ روحك وقلتَ لي ابتسم لا تبتأس ، و حينما أعطيتني ملائكيةُ روحكَ لتحلّق بي فوق الغيم ، كلّ التفاصيلُ منكَ تخبرني أن العطاء جنّة ، وأنكَ تلكَ المرةُ حينما أمسكتَ بيدي ووعدتني أن تحقق حلمي ، أعطيتني فرحاً بلا مُقابل .

أتدري يا صديقي ، إني اخجلُ ان ابتأس و أنتَ في هذا العالم تنظرُ لي و تبتسمَ في كلّ مرةٍ لتخبرني أن هذا اليوم مُزهر ، أمسكتني تلكَ المرة لتمضي بي في طريقِ العطاء ، لَيُزهرَ دربنا ، بالحبِّ يا صديقي أعطيتَ لهذا العطاء مذاق .

تلكَ المرةَ التي زرعتَ فيّ تلكَ النبتةُ العميقةُ داخلي ، لتُورقَ عطاءً مضوّعاً بالفرحِ لا يمسّهُ شيء كانت الأجملُ في كلّ لقائاتنا ، تلكَ المرةُ التي أزهرتَ فيها ياسميناً ابيضاً كانت تحملني إلى الجنّة معك ..

يا صديقي ، مهما عُصفتُ بعيداً عنك ، ومهما كنتَ قريباً مني سأحدّثُ الله عنكَ كثيراً ، سأروي فوقَ الغيمِ مراتٍ ومرات ، وسيضلُّ حديثٌ موشومٌ في صدري انكَ يا صديقي علّمتني ذاتَ مرة أن العطاءَ جنّة وفي كلّ مرةٍ ومرة تعيدُ لي سردُ تلكَ الأقصوصة ، وتحملنا للفردوسِ بقلوبٍ مزهرة .

يا صديقي .. أمسك يدي في كلّ مرة تراني بعينيك وبسمةُ شفتيك ، وردد لي في عمقِ روحك أن العطاء جنّة ، سيصُلني حديثكَ الموصولُ بروحي .. و أرددُ في كلّ دعوةَ ارزقهُ جنّةً كما علّمني أن العطاء جنّة !


يا صديقي .. ابتسم ، لا تبتأس ،  احملني للجنّة كما علّمتني أن العطاءَ جنة !

السبت، 22 نوفمبر 2014

الحرفُ حياةٌ يا صديقي .

صديقي .. في هذا الشّتاء البارد ، الحرفُ لكَ دفء ، الحرفُ غصنُ الشجرةِ التي توقظكَ كلّ صباح وهي تحتكُ على زجاج نافذة غرفتك ، الحرفُ كالقهوةِ السوداءَ فوقَ طاولةِ الخشب تُمسك كتاباً عن شمالك ، تقرأ رواية وتبتسم ، الحرفُ ذاكَ الدفءُ يسري داخلك ، يُخالطُ الدم في سريانه في مجرى الجسد ، الحرفُ يمتدُّ فينا ويحيينا تماماً مثلَ النّفس .

أتدري أن الأحرف يُحالُ ان تُرجم ؟ أنتَ وحدكَ من ترجمها بغضّ النظر عنها ثمّ تبحثُ عن دفءٍ يحتوي شغافَ شوقكَ للأدب ، الحرفُ ملءٌ للفراغِ بداخلك ، الحرفُ يجمعُ الشتات الذي بَعثرك ، الحرفُ مرآةٌ لذاكَ الحبُّ في صدرك ، الحرفُ حياةٌ يا صديق .

وضّب خيالك يا صديقي ، احمل متاعك ، استعد لهذا السّفر ، للرحيل ، للإبتعاد عن الضوضاء ، لتجاهل بعثرة هذا العالم ، لتقرأ تدوينةٌ قد كتبتها ، لتحلق في الأفق البعيد ، لتبتسم ، لتمضي مع حديثٍ الحرف في تفاصيلِ السعادة .

صديقي .. لا تقرأ الحرف لأني أرسلتُه لك ، لتؤدي واجبكَ بالردّ عليّ لتُسعدني ، لتمدحَ حرفاً منه أو لتشكرني عليه ، لا تقرأه لأني اعتدتُ ان تفعلَ ذلك ، و لا تردّ عليّ لأنك تدركُ أنني انتظرُ رداً منك ، ولا تثني عليه دونَ أن تغوصَ فيه عميقاً لأنكَ تتوقعُ مني شيئاً معينا تلكَ المرة فالأمرُ قد يؤلمني ولن يسعدني و أنتَ على يقينٍ بذلك .
اقرأ الحرفَ لأنكَ تَملكُ الرغبةَ في ذلك ، لأنك تشعرُ أنه سيحرّك شيئاً ما بداخلك ، لأنه سيروي شغافَ الحبّ داخلك ، لأنه يحييكَ تارةً أخرى ، و يوقظكَ كُلّما بكيت ، لأنه يمسحُ الدمعَ اليتيمَ على وجنتيك ، لأنهُ دفءٌ لقلبك ، لأنه مختلفاً عن هذا العالم ، ولأنه سيضلّ موشوماً في صدرك .

أتدري يا صديقي .. لا تَكن قاسٍ عليّ ، لا تُكن فظاً معي ، لا تعوّدني على فعلٍ وتهجره ، لا تجاملني طالَ الزمان أو قَصر لا تجاملني ، لا تدّعي أنكَ تحبُّ أمراً وأنت تكرهه ، فكرهكَ له لن يغيّر شيئاً مني إن كنتُ لا أراهُ خطئاً ، ولن يغير شيئاً مني لكَ لأنك لا تحبه ، لأنكَ لم تخلق لتحبّ كل شيئ في ، لأنني لستُ ملكٌ لأكون كامل ، ولا أتوقعُ منكَ أن تكون كاملاً ، فلمَ القسوةُ تعتري قلبك لتؤلمني بحديثك ، في الواقع يا صديقُ الحرفُ لم يكن لكَ ولم يخصص لك .

الحرفُ هالةُ النورِ التي تُبعدني عن كلّ شيء ، لا اكتب لكَ أو لغيرك أو لأي أحد ، وقد أفعل ، كلّ ما بداخلي أن ينسلّ الحرفُ مني لهذا العالم ، ليطوي صفحةُ المشاعرِ العجماءُ بداخلي لتترجمَ بحبرٍ على ورق ، لتوشمُ في قلبي كالحبّ .

الحرفُ يا صديقي حياة ، يُخبرنا كيفَ لتفاصيلٍ صغيرةٍ تحملنا من وجعِ هذا العالم ، كيفَ ليكونَ لنا وطناً و أسرة ، منفى ، كيفَ لنا أن نسافرُ بعيداً ، وكيفَ لنا أن نُلامسَ الغيمَ ونحنُ مستلقين تحتَ ظلِّ ياسمينة ، كيفَ لنا أن نبتسم بعد البكاءِ الحارق ، وكيفَ لنا أن نضحكَ مع أصدقاءٍ مدوّا لنا أحرفهم كمواساة ، الحرفُ بمثابة الحضن الذي يطفئُ تلكَ الرجفة التي تُلازمنا حينما نتألم ، الحرفُ كالحبِّ تماماً يتمدُّ من القلوبِ ويسعدها .

قد تتساءل كيفَ يمكن لذاك الجزء الضئيل من العالم أن يكون لنا اكسجين ، أن يكون لنا عالمٌ فيه نحنُ وحدنا ، كيفَ يُمكننا أن نعيش حياةً في بضعة أحرف ، كيفَ يُمكن لحرفٍ أن يسقينا الفرحَ غيثا ؟ قد تتساءل عن كلّ السعادات التي تُزرعُ فينا من مجرّد حرف ، ان حتماً ستملكُ تلكَ المشاعرُ التي تعترينا ، إن لم تكتبها يوماً فإنكَ ستشعرُ بها عندما تقرأ !

أتدركُ يا صديقي أسماءُ المشاعرُ التي تراودنا ليست مقرونةٌ بالحرفِ وحده ، و البوح ليسَ مقروناً بالحرفِ وحده ، لا بأس أن أبوحَ أنا عن مشاعرك ، وتقرأها أنتَ وتبتسم ، لا بأس أن أتحدّثُ عن الفقدِ ، وتشعرُ أنّها كتبت لكَ وحدك ، لا بأس أن ترى في حرفٍ ليسَ بحرفكَ عالمٌ لك ، وتحلّق فيه بعيداً !

صديقي .. في الحرفِ نبراسٌ طاهر ، في الحرفِ أحلامٌ تُزهر ، في الحرفِ مشاعرَ مرهفةٌ ، و أحاديثٌ بها نمضي ، الحرفُ حياة تحيينا ، الحرفُ حياةٌ تسعدنا ، الحرفُ يا صديقي .. حياةُ فتمسّك به ، وحقق حلمي ليكون هذا الحرفُ خريفاً أخضرا .

صديقي .. الحرفُ حياةٌ و حياة ، لا تجعلهُ مؤلمٌ أبداً ، رتّل فوقَ الغيمِ بعد كلّ صلاة " اسقنا يا الله الحرفُ غيثا ، و أحينا به "


حقق حُلمي يا صديقي .


قبلَ عام يقولُ لي صديقي : " جميلٌ أن ترى أحلامك تتحقق " ، و الأجملُ يا صديق أن ترى من يحققها معك ، يا صديقي أتدركُ كم من حلمٍ عابرٍ يمرُّ خلالنا ونحنُ نتحادث ، أتدركُ الاحلام التي ننامُ ونحنُ نرويها ، وحينَ ننظرُ للبدرِ أقولُ لكَ فيها : يوماً ما ..

أغمض عينيكَ يا صديقي قليلاً وتخيّل حُلمنا تحقق ، أُدركُ الآن أنتَ تفكرُ أيُّ حلمٍ أعني ، فأحلامنا طويلة .. طويلةٌ جداً ، تمتدُ من حلمِ الغدِ حتى الخلود في الجنّة ، وبينما أنتَ تفكرُ في الحلمِ الذي أعنيه ، ثمةَ فرحٍ يطيرُ عالياً خلالك ، هُناك سعادةً كجناحين تحلّقُ في السّماء ، و ننسى كلّ وجع .

يا صديقي .. حينما يأفلُ حلماً داخلي ، و حينما أتوجعُ لحظة ، أراكَ تتبسم وكأنني الشخصُ المفضلُ بالنسبة لكَ في هذا العالم تمدُّ يدكَ إليّ لأنهض ، لترى الفجرَ بداخلي يستفيق ، لتجعلني أحملُ نبراس الأحلام عالياً ، نُحققها و تمضي بنا إلى الجنّة .

يا صديقي .. حقق لي أحلامي معي ، حقق الفرحَ بداخلي ، احفظ يقيناً ذاك الوشمُ الموشومُ في الجانبِ الأيسر من صدرك أن أصدقاء الجنّة وحدهم من يبقون معنا حتى النهاية ، ووحدهم لا يتغيّرون ولا تسري عليهم جاذبية الرحيل في هذا العالم .

يا صديقي .. حينما وهنَ جسدي تلكَ المرة ، حينما بكيت ، وحينما تصدّع قلبي ، وتمزّقت روحي ، حينما سقطت أحلامي مغشياً عليها ، وتوقفت آمالي عن التنّفس قليلاً ، كُنتُ أسوأ ما يكون ، لكنِّ رأيتُ نوافذ ضياء قلبك تمدَّ لي يديك ، أراكَ متبسماً ، تحويني إليك لتقولَ لي كُن بخير يا صديقي .. ليتبسمَ داخلي كلّ فرحٍ وقتها ، ليُزاحَ الوجعُ من قلبي ، لأمضي كفراشةٍ طارت طويلاً فوقَ الغيم ، لأرتلَ هامساً معكَ تلكَ المرة " صَبْرٌ جَميلٌ واللهُ المُستعانُ على ما تَصِفون " [ سورة يوسف : 18 ] ، فنمضي في دربِ الجنّةِ سُعداء .

أتدري يا صديقي .. إن أخذتكَ عواصفَ الحياة بعيداً عني ، إن أوجعكَ القربُ مني ، إن خذلتكَ مرة ، وكسرتكَ مرةً أخرى ، لا تؤاخذني بالاخطاءِ التي تؤلمك مني ، ولا تؤاخذني وسامحني على كلّ شيء ، لا بأس أن تبتعدَ إن كنتَ سعيداً لكنّ أرجوكَ حقق أحلامي بدوني أو معي .

يا صديقي .. أعلمُ ان الكسورَ التي تُكسر لن يسهل جَبرها ، و أن القلوبُ التي تُجرح صعباً ان تُدمل جراحها ، لكنّ مهما كُسرت و جُرحت يا صديقي فحقق لي حلمي ، احملهُ كماءٍ يروي يأسك ، ككلّ شيء موجعٌ ، وكالدفءُ الذي يُدفئ قلبكَ حققه يا صديقي ، تمسك به وحققه و انعم بجنةِ الخلدَ به .

يا صديقي .. لا تؤاخذني بالأوجاع التي توجعني ، لا تؤاخذني على قلقي الطويل ، وخوفي المُبالغ به ، لا تؤاخذني على ما اعتدتُ فعلهُ وقوله ، على الأشياء التي اعتدتُ عليها ، وحينَ اوجعتكَ أصبحتَ تكرهها ، وتتمنى أن أتوقف عنها فقط ، لا تؤاخذني عليها فما وشمَ في القلبَ يُصعب علينا نسيانه أو تجاهله ، فقط امسك ببقايا حلمي إن تبقى بداخلك شيئاً منه ، وحققهُ يا صديقي ..

يا صديقي .. سيأتي ذاك الملكُ ليأخذ روحي دون أن يستأذنني ، دونَ ان يطرأ على ذهنك ستخطفني السّماء فجأة ، سيوضعُ جسدي على كفنٍ أبيض ، و أنت حينها رُبما لن تكن تعلم أني رحلتُ عن هذا العالم ، ستظنني نائمٌ أو أنني انشغلتُ بأمرٍ ما ، وسيصلكَ ذاكَ الخبرَ ملفوفاً بالأسى ، لا تبكي حينها يا صديقي ، فالأمرُ لا يستحقُ و قد أوجعتكَ ذاتَ مرة .. حينها ادعو لي كثيراً يا صديقي ..

عُد لقراءة التدوينة التي سبقت هذه وتماسك حينها ، اقرأ هذهِ مراراً وتكراراً ، واحمل حُلمي منها ، وحققه .. حقق حُلمي لأجل أن يديم الخلودُ في الجنّة ، أن يتطايرُ الألمُ فينا وهُناك نسعد ..

صديقي .. حينها أغمض عينيكَ و تذكر هذا الحلم .. احملهُ عني وحققه ، احمل أحلامي يا صديقي .. لنبقى مخلدين !

يا صديقي .. احمل حُلمي .. لأجلِ الجنّة .. حقق حلمَ الجنّة يا صديق ، احملهُ فوقَ الغيمِ مرةً ومرة .. وصلِّ عليه كثيراً ..


الخميس، 20 نوفمبر 2014

تَماسك يا صديقي .


صديقي .. أتذكرُ تلكَ الورقة التي صفعتكَ و أنتَ تمشي بينَ الأشجار في ذاك الطريق ، أتدركُ تبسمّك وأنتَ تُزيلها عن وجهك ، لترمي بها لتكمل سفرها في الهواء ، هل تفكرتَ يوماً في مصيرِ تلكَ الورقة التي غَلب اصفرارها الإخضرار .. ماذا لو أنها تماسكت وبقت في قمةِ شجرة الصنوبر التي تجيدُ الكتابةَ تحتها وتأتيكَ ربّة الإلهام ؟

صديقي .. أتذكرُ تلكَ المرةَ حينما تعلقت عينانا وبكيت ؟ تتألمُ من وجعاً يحرقُ صدركَ وبكيت ؟ حينما بقت الصورةُ محفورةٌ في بؤبؤ عيناي ، ثمَ تبّسمتَ يا صديق ؟ تلكَ الصورةُ لبريقَ عينيكَ وأنتَ تمسحُ الدمعَ اليتيمِ بطرفِ كُمِّ ثوبكَ لا زالتَ معلقةُ لم تسقطُ من عيناي ، أتذكرُ حينما حادثتني وتلوتَ سورة يوسفُ وقتها ، ضِحكنا معاً ثمّ كُنّا بِخير ؟

صديقي .. أتذكرُ حينما أمسكتَ بتلكَ الورقةُ التي خُطّت فيها الأحلام ومددت يدكَ لتقولَ لي : هيّا نُحققها معاً ؟ ثمّ مضينا نخططُ طوال الليل حتى غفوتُ فجأةً! و جائكَ الإتصالُ أن قُم للهِ قبلَ الفجرِ ركعتين ؟ أتذكرُ حينما عاتبتني لأني نسيتُ الأذكار في ذاكَ الصبحُ من العامِ السابق ، ثمّ قلتَ لي لا بأس لنقرأها معاً ، ثمّ تبسّمنا وكُنا بخير ؟

صديقي .. أتذكرُ حينما قلتُ لكَ اكتب لي ، فقلتَ لي لا يطلبُ أحدٌ أن يكتبَ له ، فقلتُ لكَ أني أفعل ، ووعدتني بأن تكتبَ حينما تُلهم ، وجائني طيفكَ بحروفٍ قرأتها طويلاً و أنا باسم الثغر سعيداً ، أتذكرُ حينما قلتَ لي شيء هذا بالنسبةِ لك لكنّ السعادة كانت تُحلقّ بي ، ثمّ تبسمنا معاً ، وكُنّا بِخير ؟

صديقي .. الأحاديثُ الطويلُة بيننا ستضلُّ محفورةٌ فينا ، الذّكرى التي كُنا نصنعها معاً ، أحلامنا وخيالنا وكلّ ما هوَ يحملنا في دربِ الجنّةُ نحنُ له مخلصين .. سنكونُ في ذلكَ الطريق حتى نُخلّد في جنةِ الخلدِ متجاورين ، حتى نتبسم ، ونكونَ بخير ..

صديقي .. توّجعكَ لا يؤلمني مثلما يجعلني أحدّثُ الله كثيراً عنك ، لا أعلمُ أيّ شعورٍ قد أصابك ، و أيُّ قلبٍ قد ألجمكَ الحديث ، و أيُّ حرفٍ توقفتَ فيهِ عن الحديث ، لكنّ تماسكَ يا صديقي فأنتَ بخير ..

صديقي .. ألا يستحقُ الحرفُ أن تبتسم ، أن تعيدُ الفرحَ في قلبك و تُزهر ، أن تستجيبَ لنداءِ الحياةُ في صدرك ، أن تستفيق من كسرِ قلبكَ يا صديق ، أن تعودَ لتلكَ الصورةُ العالقةُ في بؤبؤي حينما تلاقت عينانا بفرح ، أن تتذكر الشّعور الذي يراودكَ حينما تمضي متفائلاً ممُسكاً بغصنِ الياسمين!

صديقي .. أن تُدركُ انها ليستَ جنّة ، و إنا لله و إنا إليه راجعون ، وتُدركُ أن طريق الأملَ ممتداً إلى الجنّة ، و أنكَ حينَ تبتسمُ يَكبرُ في قلبي ربيعاً زاهراً .

أتدري يا رفيقي .. لستَ كأيُّ رفيق ، ولستَ كأيُّ أحد ، وحدها عيناكَ من تجعلني ابتسمُ عمق ، رؤيتكَ كلّ صباح باسِمَ الثّغرُ تحييني مرةً أخرى ، فلا تبتأس أبداً يا رفيق .

صديقي .. أولُ أحرفنا المكللةِ بالحبِّ كان تحلّقُ فوقَ الغيمِ تلكَ المرة ، أحاديثنا كانتَ تتوقُ للجنّة في كلّ مرة ، و أنتَ تُدركُ يقيناً أني لا أعرفكَ كأي صديق ، بل أعرفكَ كقلباً تُزهرُ في الحياة .

صديقي .. حينما همستَ لي ( ارجعيها ) أظنني تجاهلتُ كلُّ بقايا الأحاديث ، أظنني تركتُ البكاءَ العميق ، و الصمتَ الطويل ، و الكتمانُ و انفجرّت بالحديثِ معك ، كيفَ أفعل ؟ السؤالُ كانَ صعباً بالنسبةِ لي! لكنّك حتماً كنتَ تجيدُ نسجَ الفرحِ في قلبي حتى نسجته ، وهذه المرةَ يا صديق لن اتألم ابداً ، وسأكونُ مزهرةُ بقلبٍ أبيضا .
صديقي .. ثمةَ فرحٌ كامنٌ وسط الوجعَ ، ثمةَ تبسمٍ مختبئٌ بينَ الحروف ، ثمةَ ذِكرى و ثمةَ احلامٍ توصلنا إلى الجنّة ، لذلكَ رغمَ أيّ شيءٍ وكلّ شيء تماسك يا صديقي .

حديثٌ أخيرٌ يا صديقي .. الأحرفُ التي لا تُكتب ، الحكايات التي لا تُروى ، والتفاصيلُ التي لا تُفقد لا تُخبئ عنك ، الكتمانُ لا يَعرفك ، فأنتَ صديقٌ تقرأ القلبَ حينَ يبتسمُ الثغرُ ألماً ، لذلك تبسّم دائماً يا صديقي .. و كُن سعيد !
تَماسك حتى رمقُ الفرحِ الأخير ، حتى تنّفسكَ الأخير .. حتى تجمعنا جنّة الخلد تماسك في هذا الزوالِ يا صديق .. كُن كورقةٍ اخضّرت فلم تُصفّر ، تماسكت ولم تَذبل ، كُن كالشجرةٍ أصلها في الأرضِ ثابت و امتدت إلى السّماء ، كُن دوحٌ للجنّة يا صديقي .. تماسك حتى نُخلّدُ فيها .

تماسك لأجلِ الجنّة يا صديقي .. تماسَك لأجلها !









الاثنين، 10 نوفمبر 2014

تشرين الفجر الباسِم ( 10 )


" – أفتقدك
أها ! "

كم مرةً أرسلتَ مثل هذه الرسائل ثم ندمتَ عليها ؟ كم مرةً همستَ في صدرك ليتني لم أسأل ، ليتني لم أتحدّث!
كم من مرةٍ و مرة اشتقت لأحدهم ليكونَ باردَ الذهن يسألك ماذا بعد؟

أتدري ما بعدَ إخباركَ أني أفتقدتكَ يا صديقي؟
أنني اشتقتُ لدربٍ مضوعٌ بالحبِّ للجنة معك!

ثمّ أني افتقدُ أن يبدأ الصباح لتذّكرني أن أقنعَ نفسي أن قلبي لا يستحقُّ إلا الفرح.

ثمّ أني أفتقدُ أن تقولَ لي فرّغ نفسك لنتدبرَ آيةٍ معاً!

ثمّ أني أفتقدُ أن تسألني أينَ وصلتَ في حفظكَ لتعاتبني على تقصيري أو تُسعدني حينَ ترى ما أنجزت!

ثمّ أني أفتقدُ أن تقولَ لي استغل يومكَ هذا جيداً!

ثمّ أني أفتقدُ رسالةٍ منكَ بعدَ كلِّ صلاةٍ تسألني فيها إن كنتُ قد صليت!

ثمّ أني أفتقدُ أن تقولَ لي أخافُ عليكَ من البرد فدفئ نفسكَ جيداً!

ثمّ أني أفتقدُ أن نخوض جدالاً في قضيةً ما نتشاركُ فيها ما في أذهاننا!

ثمّ أني أفتقدُ صوتُ الرسائل المخصصُ لك!

ثمّ أني أفتقدُ أن تذّكرني أن ابتسم قبلَ دخولي لمكانٍ ما!

ثمّ أني أفتقدُ تطمئنتكَ لي حينما أخافُ من شئ!

ثمّ أني أفتقدُ تبادل الكتبُ بيني وبينك!

ثمّ أني أحنُّ إلى صوتكَ الحنون و تذكيركَ لي بصلاةِ الفجر!

ثمّ إني يا صديقي أجيدُ فعلَ هذه الأشياء وحدي ، وأنني لن أقصّر فيها إن كنتَ بعيداً لكنِّ أخافُ أن نفترقَ يوماً فيكونَ أحدنا في الجنّة – رزقنا الله و إياكم – و الآخر في الظلمات – أعاذنا الله منها - .

ثمّ إني يا صديقي أجيدُ العيشَ وحدي ، و أجيدُ كلّ التفاصيل ، لن أنسى صلاتي وكتابي ولن أنسى ما اعتدتُ على فعله معكَ او بدونكَ لكنِّ أخافُ أن يضلَّ أحدنا فلا يجدُ من يوجهه !

ثمّ إني يا صديقي أجدكَ قد تغيّرت كثيراً يا ترى أأنا السبب ؟ أينَ ذهبتَ أعذاري السبعون ؟
أتدري يا رفيقي .. لن أندمَ يوماً على همسٍ همستُ لكَ به ، ولن أندمَ على رسالةٍ ما إليكَ أبداً ، لن أندم على أحاديثنا الطويلة ، ولا على خوفي واشتياقي لك ، أنا في الواقع لن أندم لأني عرفتكَ يوماً مهما اختلفت دروبنا!

لكنّ أتدري رسالةٌ مني إليك أفتقدك ، لتجيبَ (أها! ) كافٍ أن أقولُ لك أنا أجهلك!


لا يعني أني تخليتُ عنك لكنِّ أجهلكَ بطريقةٍ ما وأنتَ أعلم!