المرحلة الإعدادية
– الصف السابع *
في بدايات الصف
السابع !
كثيراً ما رُدّد
على مسامعنا لقد كبرتم وانتهى لَعِبُ الإبتدائية ، لكنِّ لم أفهم إلى الآن عن أيّ
كبرٍ يتحدثون !
وما هو اللعبُ
الذي انتهى ..!
أذكرُ انني في صفي
السابع أكثرُ عامٍ لعبتُ فيه ..
ربما لأننا كنا
نرى أنفسنا " قد كبرنا " هو الأمر الذي جعلنا نصدّق تلكَ التُرهات !
لكنّ ايقنت في
الثانوية أنني لم أكبر بالفعل في الإعدادية ..
في الصف السابع
ربما كان عامُ التحدي بالنسبةِ لي ففي بدايات العام .. !
والصف الثامن كذلك
قد صارعتُ كثيراً !
ربما بعد بدء الدراسة بشهرٍ
او شهرين تقريباً ودعتنا جدتي .. !
رحلت جدتي بعد
صراعٍ طويلٍ مع المرض !
الذي اغتصب جسدها
خليةً خلية وسرى في كل عروقها !
المرضُ الذي
أهلكها وأرهقها !
جدتي .. أخر
أجدادي .. وأخر الجيل الذي سبق جيل أبي !
الذي لم يبقَ منهُ
أحدٌ سواها .. !
رحلت .. !
وكم كنت أعشقها
طويلاً ..!
أذكر تفاصيلُ تلكَ
الليلة كلما أغمضتُ نفسي وكأنها حدثت بالاسم !
أنا و أم عبد
الرحمن وأختي نور ..
في الصالة في
الطابق العلوي .. !
نخطط لأمرٍ ما ، و
كنتُ أقومُ بكتابة رسالة رسمية !
خرجت امي تقولُ
لنا : أمي مرهقة جداً سأذهب لمنزلنا !
كانت خائفة .. !
لآنها كانت تعلم
أنها سترحل الليلة !
لكننا لم ندرك ذلك
لأننا اعتدنا هذه الأحداث خلال معاناتها مع المرض !
وكما تقولُ خالتي
ثمانَ اشهر من غسل الذنوب والآثام !
رحلت أمي وخالتي
مع ابن عمي و خالتي !
وكان المسيرُ إلى
منزلِ خالي الذي فيه جدتي .. !
أكملنا التخطيط !
وحين انتهيها بدأت
بكتابة خاطرة !
و أذكر تماماً أن
عنوانها كان " رحيلُ جدتي " !
كنت سأكتبُ تفاصيل
رحيل جدتي أم والدي !
التي رحلت قبل ذلك
بعامين !
لم أكن أعلم أنه
محواها سيتغير لرحيل جدتي التي ظننتُ انها لن ترحل !
منذ طفولتي كنتُ
اُدركُ معنى الموتَ حتماً .. !
وكنت وأخواتي
منشغلين بعدة أمور في نفس المكان !
في الساعة الثانية
عشرة و تسعة عشرة دقيقة صباحاَ !
رنّ هاتفُ أبي .. !
تراكضنا سراعاً
إلى غرفته !
لا أحد يتجرأ
بالدخول .. !
ولا أحد يتحدث !
الكل يده على قلبه
!
استيقظ أبي بعد أن
انتهى الإتصال !
قبل أن يجيب أبي
.. !
في اللحظة التي
تلتها رنّ هاتفُ اختي في غرفتها !
ركضت أختاي ..
وبقيت أنظرُ لأبي
..
انتظرُ منه
اتصالاً ..
فقال لي الخط
مشغول !
ذهبتُ لغرفة اختي
.. !
دخلت منذ الباب
وسمعتُ صرختها : ماتت !
هناك !
كل تفاصيلي اهتزت
..
ارتعشت قليلاً ..
!
اصبح منزلا ذا
حركةٍ سريعة لدقائق !
طبعاً لدى عائلتنا
" فضيحة البنت وهي صغيرة تروح عزا " !
حتى أنني لم أطلب
الذهاب لأني أعلمُ الرد !
ولأن اليوم الذي
تلاه يومٌ دراسي !
أبي واخواتي ودرة
لأنها كانت رضيعة !
غادروا المنزل ..
!
وبقيت .. !
ذهبتُ لغرفتي !
لا أعلم !
أبكي .. أم أدعو !
أم أصلي تكاتفت
عليّ الأمور !
ولكنّ حينما وصلتُ
لسريري !
تذكرتُ ما كنتُ
أكتب !
كنت قد بدأت
باربعِ عبارات !
وختمتها ب "
رحلت و أخذت روحي معها " !
وإلى الآن !
الورقة لدي "
مبللة بالدمع الحارق " !
ولم أكمل بعدها شئ
!
في ذاكَ اليوم
حزمتُ قراري بتركِ الكتابة !
التي ظننتُ انها
لعنة جعلت جدتي ترحل !
و بدأت هلوساتُ
الطفولة ...
في اليوم الذي
تلاه !
وصلتُ المدرسة ..
وأخبرت صديقتي
جدتي رحلت !
وكنت حزينةً جداً
!
لكنها وبكل بساطة
قالت لي : ليست أول جدة تموت ، مصير الجدات الموت !
حديثها هزني
كثيراً
ومنها بدأ صراعي
مع صفي !
الذي اعتبرته عدوي
بسبب هذه العبارة !
لا يعني ذلك أني
قمتُ بشئٍ ما ..
كنت كما أنا لهم !
ولكنّ في قلبي شئُ
احترق !
رحيل جدتي الأخيرة
لم يكن أي رحيل !
بل علمني النضج
مبكراً .. !
لا أحد باقٍ ولا
احدَ لن يغيب !
رحيلُ جدتي جعلني
أدرك أن لعنتها تطاردني حينَ قالت لي مرةً
لا تنامي وانتِ تبكي !
فتطاردكِ لعنةَ
الحزنِ طوال حياتك !
ومنذ وفاتها !
ظننت أن تلكَ
اللعنة تطاردني !
لا أذكرُ الصف
السابع كثيراً سوى أنني كنتُ أكره كل من تحدث عن جدته !
وكنت أكره كل من
لم يراعي بكائي ذاكَ اليوم !
وكم كرهت الطالبة
التي تجلس خلفي التي كانت تتباهى بجدتها وتقولُ لي جدتي لن تموت !
حتى مرةً "
صفعتها " كفاً وقلتُ لها لا احد يبقى لأحد !
وأذكرُ انه في
العام الذي لحقه توفيت جدتها وكم تألمتُ لأجلها !
أذكرُ انني في
الصفِّ السابع !
أصابني هوس الجدات
و جنون اللعنات !
كان عامي الذي
نضجتُ في مبكراً
وكبرتُ فيه !
رحيل جدتي لم يكن
كأي رحيل !
رحيل كبنلي طويلاً
بألم !
ولا زالت ذكراه
حارقة !
حتى أنه أصبح اسم
الصف السابع مرتبطٌ بالموت !
وحينما وصلت اختي
التي تصغرني الصف السابع في العام الماضي !
كنت أخشى رحيلَ
احد !!
وكم عشتُ طويلاً
خائفة !
لأنها في الصفِ
السابع ..
ولكن جدتي لم
يمسسها طرفٌ الموت !
هي حية إلى الآن !
وقبل أسبوع !
خالتي كانت تخبرنا
عن وفاتها حيثُ لم نكن حاضرين !
تقول نسمع روحها
تتشاهق وتموت أمام أعيننا والشهادةٌ في لسانها :") !
جدتي .. لم تكن
كأي جدة !
ولم تكن كأي أمرأة
..
كانت ملاكاً
طاهراً في أرض لم تكن للملائكة !
وحين انتهى عامُ
الصفّ السابع ..
اذكرُ أنني في
تكريم المتفوقين لم استلم شهادتي !
ولم اذهب لأجلها
مع أنني كنتُ الأولى على صفي !
لكنِّ ظننتٌ انها
لعنة !
و كم أشقتني
اللعنات في ذاكَ العام !
اقرأ الكلمات وتخنقني العبره
ردحذفوالدموع في حنجرتي تخنقني
أبكاني كلامك وحزمك على فقدها
وماذا نقول غير
اللهم اجعل ضفاف الجنة لقيانا
كله خير ..
حذفوما نملك سوى الصلوات في عمق اللليل لهم ..
اللهم آمين .. وللجميع مثل ذلك ')