الاثنين، 16 يونيو 2014

حديث فجر .. 12





صباحَ الخيرِ يا أنت ، فهمها كانَ الوقتُ الذي ستقرأ فيهِ هذه الرسالة ، بالتأكيدِ أن هُناكَ نوراً و إلا لن تستطيعَ قراءتها ، و على الأرجح أن هذا النور هوَ نورُ روحك .

أنا بخير ، اطمئن ، لا تقلق عليّ ، أنا بِخير ، و الخيرُ حولي في كلّ مكان ، و صِحتي مِثلي ، جميلةٌ أيضاً و هي في أحسنِ احوالها والحمدُ لله .

أما عن نفسيّتي إن شئتَ ان تعلم ، فإني سعيدةٌ جداً لأنه السادس عشر من حزيران و لأني اكتبُ هذه الرسالة ، و سعيدٌ أيضاً أنكَ بخير .

أتعلم لقدَ انهيتُ الفصل الأول من [ التخصص ] ، و أنا الآن خريجٌ تنقصني أربعُ أعوام و فصلٌ واحد ، أما عن تخصصي فإنني تائه بينَ تخصصين ، على يقينٍ بأن الله لن يُضيعني .


أتعلم لقد بدأت بالأمس إجازتي الصيفيّة ، التي سأقضيها بينَ رواياتي الخمسين ، و كتبي ، و رُبما سأتنقلُ بينَ مكتبةِ أبي و أختي بعدَ أن أُنهي كتبي .

أقضي نصفَ يومي جاهلٌ ما أفعل ، أنتظرُ أن تكونَ صحتي أكثر جمالاً حتى أفعلُ ما أخطط له ، الخطة التي لم أخططها بعد ، إنها المرةُ الأولى في حياتي التي لم أخطط فيها لإجازتي الصيفيّة ، وتتعددُ الأسبابُ لذلك ، ربما ستظنُّ اني ذا ضجيجٍ و بعثرة لأني لا أخطط ، و لأنكَ لا تعرفني قبلَ عامٍ من الآن لذلكَ لن تعرفَ ربما ما كنتُ أفعلهُ كلّ صيف ، رغمَ أنني قضيتُ الكثيرَ من الليالي أحكِ لكَ عن الأعوام التي كنتَ فيها تجهلني و كنتُ فيها أجهلك !

ولا أعلمُ حقاً هل أن غبيٌ لأكتب لكَ رسالةً ان تُدركُ ما في تفاصيلها ، بما أنكَ تعرف تفاصيلي أكثرَ مني رُبما ، لكنّه قد مرّ عام بكلّ أشيائه !

أتعلم في رسالتي هذه ، لن أُكثر عليكَ النصائح ، و أُملي عليكَ ما تفعل وما لا تفعل ، لذاكَ السبب الذي أنتَ تدركهُ تماماً !
أتعلمُ أني أعشقَ اللونَ الأزرق كثيراً لأنه كالسّماء و البحر ، و أحبُّ الأخضر لأنه جميل ، و أحب الأبيض لأنه طاهر ، وأحبُ الألوانَ كلها لأنها تجعلُ للحياةِ معنى !

 السماء تُلهمني كثيراً ، و هيَ تذكرني بك ، لذلكَ إن حينما اكتبُ عنكَ كثيراً في يومياتي أقولُ انكَ سماي ، السماءُ التي مهما أظلمَ الليلَ تكونُ جميلة .

أتعلم اني كنتُ على وشك أن أغلق متنفسي مراراً لكنكَ احد الأسباب في الرجوعِ إليها !

أيها الغريب القريب .
قد مرّ عامٌ و سؤالٌ واحد يراودني : هل أنتَ بشري ؟ أم أنكَ ملائكي ، و لكنّ على الأرجح أنكَ سماويٌّ كما أسميكَ دائماً ..
إنني أشتهي الجنّة معكَ أيها الغريب ، أشتهي أن نكونَ فيها آمنين مستقرين ، سعداء حدّ الترف ، فرحين ، لا شيء يؤلمنا ولا شيء يحزننا ، ونكونُ مع رفاقِ الجنّة خالدين ، إنني أشتهي أن يكونَ لنا نعيماً سرمدياً ، قصوراً متجاورة ، نعيشُ فيها وتتحققُ كلّ أحلامنا ، نكونُ هُناك يلمؤنا الفرح ، و يداعبنا الضجيج السعيد ، وتطيرُ أحرفنا حدّ الرخاء ، نكونُ هُناك نمتطي فراشاتٌ كبيرةٌ بحجمنا ، تُحلّقُ بنا عالياً إلى الفردوس ، و نستظلُ تحت ظلِّ ياسمينة ، تماماً كروحك و قلبك ، إنني أشتهي أن نكونَ في الفردوس ونلتقي بينَ ضِفافها .

إن شَوقنا للجنةِ يا غريب جعلَ كلّ دنيانا تتلاشى من أمامنا ، حاملين انفسنا نحوَ جنةِ الخلد ، إن شوقنا لها جعلنا لا نرى إلا الجنة ، ولا نشتاقُ إلى الجنّة ، لذلكَ يا غريب ، اجعل شوقنا وحبنا و روحنا و شكرنا كُلّه بلغةُ الدعاء .

إنكَ يا رفيق عليكَ أن تُشدد بيدي ، و أشدّ بيدك ، لنحقق حلمَ التطوّع معاً ، ونبني صرحنا ، و نكبر و تكبر فينا أحلامنا ، إن الجنّةِ تنتظرنا بتطوّعنا يا رفيق .

إنكَ يا رفيق كزهرةٍ بنفسجٍ في اكليلِ ماء طاهر ، لا يمسّهُا شيء ولا يشوبها شيء ، إنكَ حكيمٌ جداً ، و رزينٌ أيضاً ، وها قد مرّ عام ، وفي كلّ لحظةٍ أتعجبُ فيها بفكركَ و خُلقك !

أنا متعجبٌ جداً من نفسي أن اكتب لكّ هذه الرسالة التي أنتَ تدركُ ما فيها أعمقَ مني ، لكنّكَ أيضاً ستدركُ أني مغرمةٌ بكتابة الرسائل لكلّ احد ، لذلك لن تستغرب أني اكتب ما يُشابهُ رسالتي هذه .

أتعلمُ أيها الغريب كم قضيتُ في كتابةِ هذه الرسالة ، ما بها سيقرأه الجميع بشكلٍ عاديٍ جداً ، بينما أنتَ ستدوّنها في صدركَ و روحك ، و ستبقى محفورةٌ في قلبك !

إننا أيها الغريب غرباء عن بعضنا ، و إن طال لقائنا و حديثنا سنبقى غرباء ، و إن زادت اشواقنا سنبقى غرباء ، و إن ابيضت نوايانا سنبقى غرباء ، إننا غرباء غرباء غرباء حتى يأخذنا الموت و نعودُ لوطننا الحقيقيّ ، نعودُ للجنة ، و سنكونُ هناك لسنا بغرباء !

إني أخاطبكَ كغريبٍ و أنتَ من  أقربُ من أعرف ، لكنكَ غريبُ في الأرض وأنتَ سماويّ الروح ، فأنت غريباً مرتين وأنا غريبٌ مرةُ واحدة !

إنه السادس عشرَ من حزيران ، يومٌ فيه كنا بخير قبلَ عام ، و اليومَ نحنُ نملكُ خيراً اكثر ، ربما لأننا غرباء عن بعضنا .
قد أغيبُ فلن اكتب لكَ رسائل مشابهة ، و قد أختفي و أتلاشى و لا تجدني ، لكنِّ يا غريب سأبقى هُنا ، كما اعتدتُ ان اكتب لك ، سترى اسمكَ مدوّنا بينَ أحرفي ، مخبئاً في السطور كما في كلّ مرة ، لأنني دائماً ما أدوّنكَ هُنا ولا أحدَ يفهم ، حتى أنني أحياناً أشكُّ في أنكَ كذلكَ  تفهم !

إنكَ أيها الغريب طِفلٌ كبرَ داخلي ، كطفلي الذي أكملَ عاماً في العامِ الماضي و عامين هذا العام و أنتَ أكملت العام ، إنكَ طفلي الذي كبرَ و استحال إليكَ أيها السماويّ الغريب ، إن طفلي تلكَ القصة التي بدأت وتلاشت ولم أبح بما أقصدها ، أنتَ مشابهٌ لها تماماً ، لكنكَ اجمل .

إنكَ أيها الغريب ، بغضْ النظر عمن تكون ، سيدركُ الجميعُ يوماً ما إن كنتَ حقيقةً أو سراباً تماماً كطفلي الذي لا يعرفُ واقعيتهُ إلاي !

أيعقلُ انكَ حيٌ و أنتَ سماويّ ؟
إنه السادس عشر من حزيران ، يومٌ احتفلٌ فيه وحدي مع سماوياتي ، إنه احتفلُ وحدي مع طيفٌ ليسَ له وجود ، لأني أحبُّ الأطياف التي لا تُرى ، الذي سيظن كلّ من رآني احتفل أنني مجنونٌ جداً !

نعم إنني مجنونٌ  بطيفٍ أسميتهُ سماويّ وها أنا احتفلُ في تاريخٍ حددتهُ وحدي ، تحتَ السماء
أيها الغريب ، كُن بخير ، فكلّ عامٍ سيكونُ أجمل !



دوّنها السماويّ نفسه لنفسه ..
كُن بخير يا سماويّ 
وكونوا بخير 
 انتهى 



هناك 4 تعليقات:

  1. الله الله الله...
    بهذا تكتفي وترفع كل الاقلام..
    الله يديم عليك السعادة....
    ويحفظ لك سمائك ونفسك....
    كوني بخير ليكون الجميع ومن تحبي...
    وهل لك مثيل..!؟

    ردحذف
  2. أقرب من الروح,ربما في الحياة أشخاص يستطيعون أن يكونو كذالك-اقرب من الروح-
    وهل نسمح نحن بذالك--لأشخاص أن يكونو اقرب من الروح.
    صعبٌ عليَ أن اتخيل أن هناك في بشر هذا العالم وفي حاضرنا هذا من يستحق أن يوصف بالسماوي او يكون قريب من ارواحنا حد الإمتزاج بها..ربما نعم..
    ولكن في حياة مليئة بالألم ..أصبحت أشك أن من يحمل قلباً طيباً يحملُ حظاً سيئاً.

    ردحذف
    الردود
    1. نحنُ مسلمين لا نؤمنُ بالحظ!
      نؤمن أكثر بالخيرةَ في كلّ شيء لذلك علينا أن نكونَ كما نحن ، وعلى ما فُطرنا عليه !

      حذف