تبقت 16 يوماً فقط لأكمل حينها عشري التاسع ، أفكر في
الأشياء التي فعلتها في حياتي ، سأكبر سنة و ينقصُ حينها من عمري سنة ، بينما أسأل
نفسي عميقاً ما الذي عشتُ لأجله و أفكر في كلّ المشاعر التي بداخلي ، فإني طوال
حياتي أنتابتني ثلاثة مشاعر ، أو أنه يمكنني الإختصار الأمر في ذلك ، اللهفةُ إلى
الحبُّ ، و البحثُ عن المعرفة ، و الشفقة !
عشتُ بالحبِّ كثيراً ، كبرتُ في حضنِ أميري الأول ، و
الذي إن بحثتم كثيراً بداخلي فلن توجد حبيباً لي كأبي ، سعيتُ للحبِّ طويلاً حتى
وقعتُ مغرمةً في الحرف ، احببتُ السّماء و المطر ، والشوكولاته الساخنة ، سعيتُ
لحبِّ التفاصيلَ الصغيرة ، وكلّ السعادات من حولي ، أحببتُ الحبَّ لأنه يأتيني
بالبهجة العميقة فمجرّد تفكيري في وحدتي ، أشعر أنها ستكونُ قاتلي ، أكره الوحدة
كثيراً لأنها تشعرني أنني على حافةِ العالم و أنّ عاصفةً ما ستمزّقني و تنهشني
لأبقى رماداً يتناثر مع الرياح ليختفي فجأة في ظروفٍ غامضة !
الحُب أشعرني بالدفءُ كثيراً فهو أجمل الأشياء التي
سعيتُ له طويلاً ، و إن الحبَّ الذي لا أتحدثُ عنه حقيقةً هو العناقُ السماويّ
الذي يتعانقهُ الأحبة ، الذي يطيرُ بنا عالياً و يلهمنا إلى الجنّة ، رُبما الحُب
داخلي هيَ تلكَ الرسائل التي لا يقرأها إلاي ، و تبقى في مذكراتي محفوظةٌ ، وفي
الجانبِ الأيسر من صدري مُدوّنه .
الحُب الذي يأخذنا من حافة هذا العالم ليأخذنا في قوسِ
السّماء ويطيرُ بنا ، ثمّ نضحك كثيراً حتى نُرهق وننام لنحلمُ أننا في الجنّة ، ونستقيظُ
فجراً لنشمّ عبقَ الياسمين حاملين أنفسنا إلى علمٍ سيوصلنا إلى الحُبِّ الاعظم ،
إن الحبَّ الذي نعسى إليه طويلاً لن ينتهي في مجرّد أحرف ، هو حبٌ مخبوءٌ حتى عشري
التاسع و يمتدُ بيَ طويلاً حتى أنهي سنواتَ عمري في هذا العالم ليأخذني إلى وطن
الحبّ الحقيقي ووطن السعادات السرمديّ ، إنني بالحبَّ أشعرُ أنني فوقَ غيمة ،
تدورُ بي في هذا العالم لأستمتع بالطهر الذي نغرقُ فيه ، نكون أبرياء جداً ، ولا
شيء يشبه شوقنا للحبِّ أبداً ، و إن هذا الحبّ لن يستطيع تصويرهُ القديسين أو
الشعراء ، لا شيء يشبهه حتى تلكَ الصوفيّه التي تكونُ مسكونةٌ في قلوب البعض ، إن
الحبَّ هو الرؤية المنبئة إلى الجنّة ، وهو ما عشنا كثيراً لأننا أحياء به .
الحبُّ هو بحثنا عن المعرفةٍ في كلّ شيء ، عن شغفنا
للسؤال لمَ السّماء لونها أزرق ؟ و من أينَ يأتي المُزنَ بالمطر ؟ ولمَ قوسُ المطر
يحملُ سبعة ألوان ، اشتهيتُ في طفولتي أن أعرف لمَ نجوم السّماء تلمع ؟ و لم
القمرُ نراهُ أوضح من النجم !
سعيتُ لأدركَ ما سرّ القوة الخوازميّة في الأرقام ، و أيقنتُ سرّ التفاحة التي
حققت الحبّ في هذا العالم بشكلٍ من الأشكال ، إنني بقليلٍ من هذا و ذاك طرتُ إلى
السّماء عالياً ووصلتُ إلى أعماق الأرض ، إن معرفتنا بهذا العالم ، بأنفسنا ، وما
هيتنا جعلتني أتعمقُ كثيراً بقلوبٍ البشر حتى أدركتُ الشفقةَ في هذا العالم .
مجرّد التفكير بكلّ الأشياء في هذا العالم جعلتني أسقطُ
إلى عمقٍ هذه الأرض ، فمشاعرُ الشفقةُ التي تُخلق من الحزنِ و الإكتئاب من الوجعِ
ومن كلّ شيء هي التي تجعلنا على حافةِ هذا العالم ، الفقدُ الذي يمزّق بعض الأشياء
فينا ، و الوجعُ الذي ينتابُ عالماً بالتفكيرِ في الطفلِ الذي شاهد رفاتُ أبيهِ
يُحمل أمامه ، و الرجلُ الذي أطيحَ بمسكنهِ في رؤوس أبنائه ، و الأمُ التي كانت
تزغرد بألمٍ حينَ تمضي في زفافِ ابنائها إلى الجنّة ، كلّ تلكَ المشاعر التي
تنتابنا تجعلنا نشفقُ على نفسنا أكثر و أكثر .
نحنُ الأحياء في هذا العالم إن لم ننمضي إلى الحُب و
نبحث عن المعرفة ونشعرُ بالشفقة فإننا لسنا أحياء رُبما ، إنني وهذه المشاعر التي رافقتني
حتى عشري التاسعُ من حياتي بِخير ، ورُبما هيَ ما تُلهمني ، إنني اختصرتُ كلّ
مشاعر هذا العالم للتفكير في المشاعر الثلاث التي عشتُ لأجلها ، ورُبما هيَ ما
كانت التي تنتابنا شئنا ذلك أم أبينا ، إننا وفي نهاية السطر دائماً بخيرٍ وسعداء
ما دامت أحلامنا تحملنا إلى الجنّة !
أيامٌ لأكبر ، الرابع و العشرين من تشرين ليقلّ من عمري
سنّة ، لأكمل المسير إلى الجنة و لأبني مجدَ الأمة ، لأمضي في سكون هذا العالمِ و
أكونُ أقرب إلى الأقصى ، عشريَ التاسع كلّ عام و الحرفُ موشومٌ بقلبي أعمقٌ و أعمق
.
اشياء جديدة ومشاعر مختلفة بإنتضارنا ...
ردحذفكُلما كبُرنا كُلما واجهنا اشياء مختلفة ...اشياء قد تُغير حياتنا بالكامل..
مازال العالم غامضاً ..ومازلنا تائهون جداً عن فهم كل ماحولنا....
الحقيقة ان البشرية جمعا تعيش في جُزء لايذكر من المعرفة.