ضجيجٌ ما تعشقُ
فيه الجلوس بجانبِ المرآة في رحلةٍ طويلةٍ جداً تراها ، وهي لا تتجاوز الثلاث
ساعات ، رأسها على النافذةِ تتأمل قدسيّة هذا العالم ، و تحكي بصمتٍ كلّ ما فيها
، لطالما ذُرفت دمعةٌ يتيمة وهي هناك
بسكونٍ لا تشبههُ أيّ سكينة ، وكأنها سُلبت حتماً من هذا العالم كانت تُفكر حتى
ييأس التفكيرُ منها ، تفكر في كلّ شيء ، في الحياةِ ، وفي ضجيجِ الشوارع ، تفكر في
كتبها التي على رجليها ، وفي أحاديثها الطويلة ، وفي الجمالُ المضوّعٌ في شيءٍ ما
، وبينَ ذاكَ الضجيجِ يلوحُ داخلها طيفٌ راحل ، تاقت له طويلاً !
-
رأيتكِ اليوم !
حقاً ؟ أين ؟ لم اركِ ؟
-
كنتِ في الحافلة و أنا في الحافلة المجاورة ،
رأيتكِ تبدينَ شاردةَ الذهن ، لم تتغيّري حتماً ولم أركِ منذ زمن !
أه ، تمنيتُ لو أنني لقيتكِ ، اشتقت إليكِ !
-
ما بالكِ ؟ لم اعهدكِ بذاك المشهد الذي رأيته
في وجهكِ ملامح شاردة ، بجانبكِ كنتُ لدقائق في الزحام ولم تلمحي ابداً وجودي
بجواركِ !
عذراً ، لم ألحظ وجودكِ
-
فجر !
لبيكِ ي روح !
-
يبدو أنكِ حُملّتِ أكثرَ مما تقوينَ عليه !
ولكن يا رَفيقة ، ربي لا يعطي عبدهُ أكثر مما يقوى عليه
، ولي صبراً سيحملني إلى الجنّة ، ولي أمنياتٌ و إن جفّ كل شيء كالمزن تمطرُ فيّ ،
و لي قوةٌ لو شعّبتها تسع وتسعين شعبه ستبقى واحدةً منها لآخر ، ولكنّ يا رفيقة
الفقدُ ليسَ كلّ شيء و إن كانَ قاتلاً ، و الفقدُ حينَ ينهشنا سيبنينا ، و الفقدُ
يحملنا إلى الجنّةِ كي نحيا .
ولكنّ يا رفيقة الصبحُ يشبهُ قوّتي التي حُملّتُ بها ،
أتعلمين و إن طال بكائي سيمطرُ صبري ربيعاً مُزهرا ، وسيكون معي إلى الجنّة ، و
لكنّ يا رفيقة أن واقعةٌ في غرامِ كلّ ما بي!
اللحظة التي أذهبُ فيها لأبعد غرفةٍ في المنزل حاملةً
وسادتي ، مبتعدةً عن كلّ شيء ، أختبئُ في الظلمةِ وحدي لا يعني ذلكَ أني منكسرةٌ
يا رفيقة ، لكنّ هناك اجعل من فقدي دربي للجنّة ، و إن طريقي هذا إن كنتِ ترينه
حالكَ الظُلمة فهوَ مزهراً بالنسبةِ لي ، لكنِّ يا رفيقتي أرى الياسمين يمطرُ منه
الحبّ آن ذاك ، و أرى معالم الفرح ترتسمُ داخلي ، و أجد في عزلتي تلكَ شيئاً لا
أجدهُ في كلّ شيء ، رُبما هيَ ذاتي التي تختبئ أحياناً ، و رُبما هيَ احلامي التي
تستيقظَ تلكَ الحين ، ورُبما هيَ ما يجعلني بخير ، و أدرك يقيناً ان هناك من يأتي
ليسال : أنتِ بخير ؟
ذاكَ السائلُ هو الذي خُلقَ الحبُّ منه ، اتدرين يا
رفيقة ذاكَ السائل الذي أراهُ بقلبٍ يخفقُ بالدعاء له ، سيكون من أجمل التفاصيل في
هذا العالم ، و رُبما هوَ من سيربّت على كتفي مراراً ان هونِ على نفسكِ ، ومع ذلك
هو من يحتويني بصمتٍ لأنه يدرك تماماً ان ألمي هذا ما هو إلا قوةً بداخلي تنبض ،
ولكنّ يا رفيقة و إن كثرت الأرواح حولي سيضلُّ الفقدُ بداخلي حياً لأن الله يخلق
بني آدمَ مرةً واحدة ولن يكون مثلهُ احدٌ أبداً ، أكادُ أوقنُ احياناً أن المعجزات
تحدث ، و القوةُ التي بداخلي تشبهُ هالةً من نور تحميني من كلّ شيء و تحويني ، إن
القوةَ تلكَ هي المعجزة التي أخافُ أن تتلاشى فجأة فأضعفُ على حينِ غفلة ، إنني
أخشى كثيراً يا رفيقة أن أضعف فيطرأ في بالي لحظةَ ان الله حملّني ما لا أقوى عليه
، حينها لن أسامح نفسي .
و لكنّ يا رفيقة مسامحتي لنفسي هيَ امرٌ يجعلني بخير ،
لا أستطيعُ العيش ونفسي تكرهني ، اتدرين أن ظلمة الليل هيَ ما تجعلني أتألم ، وهي
نفسها التي ترسمُ ابتسامةٍ على شفتاي ، لكنِّ حتماً اخشى تلكَ الوحدة و أخشى لجوئي
للفراش و اختبائي تحتَ الغطاء ، أخشى كثيراً تلكَ اللحظات لأن محادثتي لأحدهم تعني
بوحَ الكثير ، تلكَ اللحظات تجعلني أتحدثُ كثيراً و أهلوس أكثر ، وتجعلني أبوحُ
بذاتي بشفافيةِ البوح الذي أكره ، ولكنّ يا رفيقة ظلمةُ الليل تسلب مني غموضي !
الغموضُ يا رفيقة إن سُلبَ مني أشعرُ أنني مجرّدةً من كل
شيء ، و مع ذلك هو كلّ ما يلتحفني حينَ اتألم ، أتدرين يا رفيقة اختفائي في ليلٍ
حالكَ الظلمة يصعبُ تفسيرهُ احياناً ، وبقائي حتى آخر الليل آمرٌ غريبٌ جداً ،
ورُبما أحياناً يكون الليل هو رفيقي ولو أنه مرهقٌ يبوحُ بالشجن فينا ، ومع ذلك الليل أجمل فهوَ ما يخبئ الدمعُ كثيراً ،
ولكنّ يا رفيقة الليلُ مع اللهِ سيحملني إلى الجنةِ ، وحينَ أبقى وحيدةٌ ليسَ معي
إلا الله أدعوهُ بتضرعاً و خشية هو كلّ ما فيّ من فرحٍ وحب.
الحُب يا رفيقة هو ما يطيرُ بيَ بعيداً جداً ، يحلّق بي
، ويخوضُ بي إلى حلمِ الجنّة ، الحبُّ يا رفيقة دعاءُ في كبدِ التضرّع ، الحبُّ
عناقُ سماويّ ، سأعانقكِ كثيراً في السّماء فلا تستائي من ابتعادي عن كلّ شيء ،
الإبتعادُ عن كلّ شيء أمرٌ يناسبني حتماً !
و لكنّ يا رفيقة البعدُ يحملني بعيداً ، بعيداً جداً إلى
الجنّة ، وحينَ أبقى في دربٍ وحدي يكونُ لي سحاباً أبيضاً يحملني بطهر ، يلفُّ بي
وشاحَ الفجر ليكوّن وتيناً متأصلاً فيّ كالياسمين معتقاً برونقِ الحرف ولا شيء
يشبهه إلاي .
إنني يا رفيقة أعلم أن الحرف حينَ يضوّع بالحلمِ يكون
سماويّ ، وحين تمتزجُ السماويّة بأرواحنا نهيمُ مبتعدينَ إلى الجنّة ، بالمناسبةِ
يا رفيقة أودُّ ان أخبركِ أني مغرمةُ بالحرفِ ، وهو كذلك يبادلني الشعور لكنّ
الصمتَ هو كلُّ ما يحيلُ بيننا ، و أهيمُ بهِ حينَ أغوصُ فيه ، ويكتبني طويلاً ،
طويلاً جداً حتى أبتسم !
في الواقعِ يا رفيقة لا شيء في هذه الدنيا سيجعلني
ابتسمُ كالحرف ، ولا شيء سيعتّقُ في قلبي كالحرف ولا شيء سيبقى مخلداً كالحرف ،
إننا نؤمن بالحرف لأنه يتحدّث عنا ، يكتب قِصصنا ويروينا ، يبوحُ بما تكتمهُ
الأحلامُ في صدورنا ويبتسمُ لنا كثيراً ، وسيجعلنا سعداء لا يُشبهنا شيء ، إن
الحرف وإن كتبتُ في غرامهِ حتى النهاية سأكونُ منفياً بتقصيري !
-
يااااه ! حديثكِ طويل يبدو أن بداخلكِ الكثير
!
لم انتهِ بعد ، في الجنّةِ حينَ ألقاكِ سأكمل حديثي !
كنتُ ادركُ أنني أحلم ، أن الأمر سراباً انها رأتني أو
أنها حادثتني ، كنتُ ادركُ أنها أكملت عاماً في الجنّة ، و إني في محادثتها كتبتُ
كثيراً ، و بحتُ بكلّ شيء ، وتيني تذكرتكِ ولم أحادثكِ منذ عام ، تذكرتكِ ولم
نحتسي قهوةً معاً منذ عام ، تذكرتكِ وقد رحلتِ منذ عام .. في الجنةِ لُقيانا رحمكِ
الله !
·
ضجةُ حديثٍ في محادثتها رحمها الله ..
اشتقنا لهذه الحروف الذهبية
ردحذفرحمها الله
يا رب !
حذفو اشتقت لنفسي .
سعدنا بعودتك...
ردحذفستظل ضجة حديث كظل الياسمين الطاهر ...
حفظكم الله وادام هذه الطهارة في كتاباتكم
ادام الله سعادتك !
حذفو حفظكَ ربي كلّ حين
شكراً نبراس