للمرة الألف تذّكر
أن كلّ من يدخل حياتنا هو من القدرِ و ليسَ المغزى بقاؤه ، أو رحيله فهذا قدرٌ من
الله ، و إنما المغزى ما يبقيه فينا وما يتركه من أثر .
تلكَ العشبة التي
احدودب ظهرها وهيَ تحاول التمسّك بقطرةِ النّدى حتى آخر وهلة قالت مرةً :
" هذه
الحياةُ مرهقة " ، وكأن شيئاً ما بداخلها يرغمها على التمسكِ بتلكَ القطرةَ
ولو أنّ آلاف القطرات ستمرُّ بعدها إلا أنها في كلِّ مرةٍ تحاولُ التمسّك بقطرةِ
الندى ، رُبما ليست موقنة أن قطرةً أخرى ستأتي إليها ، فأصبح ظهرها مثقلاً يسقطه
أبسط الضربات ، و أخفف هبّات الريح .
لمَ نكون مثلَ
تلكَ العشبة ؟ يحدودب ظهرنا ألماً ووجعاً ، ونسهر الليل لأن أحدهم رحل ، لا أعني
الرحيل الأبديّ فذاك رُبما بهِ ألمٌ مختلف ، لكنّ رحيل العابرين في حيواتنا ،
أنبكيهم فقداً و كان قدراً من اللهِ أن يرحلوا ؟
حسناً أظن أننا
حمقى حينَ لا نبغي من حياتنا أحداً ان يبتعد ؟ أوكنّا مخلدين ! حسناً حينَ نبكي
العابرين في الحياةِ ألم ندرك أننا مثلهم ؟ أينَ أصدقاء الإبتدائية ؟ الزملاء
الذين قابلناهم في الإعدادية ؟ و كلّ الذين ضحكنا معهم في الثانوية ؟ أين كلّ
الذين قابلناهم في حياتنا ؟ كم بقيَ منهم ؟ وكم من زميلٍ و رفيقٍ جديد نقابل الآن
! ألم نكن مثل الذين رحلوا عابري الطرقات في حياة البعض ؟ أفلا نظنّ ان أحدهم
تعلّق بنا ، وكذلك هو رُبما أحمقٌ مثلنا !
كلّ ما في الأرض
راحل ، وكل العابرين عبروا ، الأشياء دائماً تتغيّر ، التفاصيل و الظروف كذلك
الأشخاص دائمي التحرّك ، اونحسب أننا مخلدين في هذه الأرض ؟ لم نؤمن بالخلود في
دارِ الفناء لكننا نبكي لأن أحدهم قد غادر بدربِ حياته بعيداً عنّا أي تناقضٍ هذا
!
للمرة الألف
سأخبركم أمراً أننا لم نخلق لنبقى مع احد ، لم تكتب حياتنا لنكون خالدي البقاء مع
أحد ، رُبما البعض سيأتي ليقول : لم تعلمنا المدرسة ذلك ! لكنّ هذه من الأمور
الحياتية التي علمتنا إياها المدرسة فخلال اثني عشرَ عام ، في كلّ سنة دراسيّة
هناك ثلاثون طالب يمرّ خلالنا و رُبما أكثر ، نقابله سنةً كاملة نتعلّق بهم ، نضحك
معهم ، نعيش معهم لحظاتٍ جميلة ، ثمّ نعبر و يعبرون أبكينا شوقاً لهم ؟
لمَ نحن لا نتعلم الدرس رُغم أنه أعيد لنا ألفُ مرةٍ و مرة ؟ و رغمَ ان
العابرين في حياتنا أكثر من الباقين ؟ حسناً لم ظننتُ أني سأٌقوم بعدِّ العابرين
لأدركتُ أن الذين أعرفهم الآن قد رحلوا ؟ حتى في حياتنا الجامعة حينما أنهينا
السنة التأسيسية هناك من عبروا ، ابتعدوا عنّا ، توجهوا إلى حياتهم المقدّرة لهم
بعيداً عنّا ؟
للمرة الألف سأقول اكتفينا من الوجعِ الذي نثقل كواهلنا به ؟ كفانا حماقةً
! وكفانا أن نكون كمثلِ العشبِ و قد احدودب ظهرها تمسكاً بالعابرين خلالها ، كنتُ
أقولُ لها كثيراً : " إن اللهَ حينما يُبعد عن حياتنا شخصاً ما ، فهو يزيحُ
المساحة لشخصٍ أفضل " و كما كانت تقول : " شيئاً مضى ، لو كان خيراً
لبقى " ، حتامَ نحن من نتوجع للراحلين ؟ أويقضي المرء حياته متوجعاً !
أدركُ أن الأمرَ مثقلاً قليلاً ، كلّ الذين رحلوا من حياتنا حماهم الله في
الجنّةِ سنلقاهم ، فلمَ نقلق ؟ و أدركُ يقيناً أن وحدهم أصدقاء الجنّة لا يعبرون
من حياتنا ، لأن أرواحنا تتلامسُ في كلِّ حينٍ شوقاً إلى الجنة ، أدرك أن أرواحنا
لم تُخلق لتبقى معاً لكنّ و إن كانت بعيدةُ عنّا فهي تحملنا إلى الجنّة ، رُبما
سيظنُّ البعضُ أني ناقضتُ نفسيِّ لكنِّ سأخبركم هذه المرة للمرة المليون : وحدهم
أصدقاء الجنّة مختلفون تماماً عن البقيةِ أجمعين !
العابرون..
ردحذفحسناً ليس كل العابرون في حياتنا متشابهون ..
في اللحظة التي نعيش فيها مع العابرون في حياتنا قد نصادف يوماً حُلماً طالما تمنيناة ..
قد نصادف روحاً طالما تمنينا ايجادها والبقاء معها وفي تلك اللحظة التي نجد فيها هذا الشخص لايصبح لكل العابرون معناً في حياتنا .. فقط ايجاد الشخص الذي يملأ حياتنا جمالاً يُعد حُلماً كبيراً نبحث عنة ..
اتُرى هل من السهل مفارقتة ؟!...هل علينا الأستسلام لزوبعة الحياة..
في اللحظة التي وجدنا فيها الصديق الحقيقي ..
من الافضل ان نتمسك بأولئك العابرون بشدة...اولئك نادرون جداً..
قد لايمر غيرهم ...
في اللحظة التي نجد فيها ذالك الشخص من الأفضل ان نمسك بيدة بشدة ونخبرة انة اغلى من كل العابرون ..
او.....فلنتألم كثيراً حال الوداع...
هناك ارواح ثمينة البقاء بالقرب منها...أُمنية جميلة...