الاثنين، 29 ديسمبر 2014

لا أحدَ يبقى يا صديقي .

" لا أحدَ يبقى ل أحد "
كانت تلكَ الوَداعية التي قلبتُ منها صفحةً في حَياتي ، بقلبٍ منكسر ، همسٌ ضعيفٌ يحادثني : لا أحد .
 
الفَترة الزّمنية التي يبقى فيها أحدٌ معي مهما طَالت ستنتهي ، سأحرص على أن لا يستندَ عليّ أحد ، لستُ معولاً للأحلام ، ولستُ باقيةٍ لأحد .
 
تطلبُ مني الوَفاء ؟ من وفائي ألا أوهمكَ أني باقيةٌ لك ، فلستُ لأحد ولا أحد لي.
 
عليكَ أن تفهم جيداً لم أخلق لأكون نصفَ أحد ، خُلقتُ واحد ، و سأضلُّ واحد .
 
الزّهرُ مهما طالَ ريحهُ يوماً ستذبل ، و الشجرُ مهما لذَّ ثمره يوماً سيفنى ، والغيمُ مهما غزُرَ مطره يوماً سيسكن .
 
الريحُ مهما ناثرتْ رملاً يوماً سيُدفن ، و الليلُ مهما طالَ في ارتعاشةِ الشتاء يوماً سيأفل .
 
الكلمُ مهما كانَ منسوجاً ببلاغةِ يوماً سيُدثر ، و الفكرُ مهما تناقلهُ المعلمين يوماً سيَنسى ،  و المرضُ مهما أرهقَ الطفلِ الحزين يوماً سيشفى .
لا شيء يبقى يا صديقي .. لا شيء يبقى !
 
كلّ ما في الأرضِ فانٍ ، كلّ ما في المُزنِ هاطِل ، كلّ ما في القلبٍ مكتوماً سيُروى يوماً ، وكلّ استنادات الحَياة .. يوماً ستُكسر .
 
يا صديقي .. ليس البشرَ معاولاً حتى تعيشَ مستنداً عليهم ، و ليسَت الأشياءُ من حولكَ عكازاً ستدفعُ عنكَ ألمك !
 
ليسَ الخلودُ مدوّنا في صدرِ هذي الأرضُ أبدا .
 
ليسَت الدُنيا بقاءٌ يا صديقي : لم تبتأس ؟
 
ليستْ الأشياءُ تبقى ، و ليستْ الأحلام تَفنى !
 
أنتَ ترحل ، غيركَ يولد تتبادلُ الأدوارُ في رحمِ الحياة .
 
هل من أحد يبقى و يسكن يا صديق ؟
 
هل من أحد يوشمُ في قعرِ هذا الأرضِ باقٍ ؟ لا تبتأس .
 
لا أحد يبقى يا صديقي ، لا أحدَ يفعل .
 
كانت تقولُ : وحدهم من لا يَرحلون ، وحدهم من يسكنونَ قلوبنا سكناً عميقاً ، وحدهم باقون في
أرضِ الفَناء ، وحدهم لو أنّ هذيِ الأرضُ تحدّثت همست هم أخيارنا .
 
كانت تُحاكيني وتبكي : لا تقولي لا خُلود ، فحروفهم قد دوّنت ، و حديثهم يبقى فوقَ الغيمِ محفوظاً .
 
لا شيء يبقى إلا ياسمينَ الطُّهر محفوراً بهمسِ الفَجر ، إلا أحاديثُ الإلهِ بعينٍ خضّبها الخشوعُ ، إلا صلاةٌ من سكونِ القلب تنادي بصدرِ الكون : يا الله .
 
لا أحدَ يبقى يا صديقي إلا الجنّان ، إلا الرحيلُ إليها بحبٍّ .
 
لا شيء يبقى غيرَ فرحٍ كُتبَ للجناتِ يمضي .
 
لا أحد يبقَ يا صديقي ، لا تَنتظر !
 
ابقَ بجانبِ من كان لكلّ أحد .
 
من طمئن قلبينٍ بوسط الغار و يقولُ لصاحبِه : لا تَحزن إن الله مع معنا .
 
اللهُ وحدهُ يا صديق ، دائماً لنا ومَعنا .
 
اللهُ وحدهُ فابقَ طوالَ الوقتِ معهُ يا عزيزي .
 
اكتب بوسطِ حديثكَ الليليّ حرفاً لا ينتهي : لا أحدَ يبقى إلا حديثَ الله ، و دربُ الزّهر للجناتِ يمضي .
 
وغيره ؟ لا شيء يبقى ، و لا أحد .
 

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

حديثٌ شتويّ يا صديقي .


حديثٌ شتويّ ، دفءُ أحرف ، قهوةٌ ساخِنة ، و رواية ، أحرفٌ طويلة حتى الفَجر ، غَيم الفَجر ، مشهد الشروق ، البخارُ الذي يُحفرُ في الزجاج ، الصوتُ الذي يعيدنا للحياة ..

الشتاء .. رغمَ إرتعاشة البردُ فيه إلا أنّ تفاصيلهُ هيَ دائماً الأجمل ، دفءُ الحديث ، حضن الحروف ، طبطبة الكلمات .. أشياء لا يشبهها أيّ شيء !

يا صديقي .. انظرُ على يمينك أترى ما أرى ؟ رأيتَ الغيمَ مزرقاً بلونٍ زهريّ .. رأيتَ الفجر يشرقُ تلكَ المرة .. و رأيتكَ تضعُ نظارتكَ جيداً وتبتسم ، ابتسمتُ خلفكَ بسعلةٍ طبعت بخاراً على الزجاج ، أتدركُ الطهرَ الكامن في ذاك المشهد يا صديق حينَ قلتُ لكَ ليتنا مثله ، أتحدث عن ذاكَ الفجرُ الباسم تلكَ المرة يا صديق .

صديقي .. بعيداً عن ضجيج العالم ، بعيداً عن الصخب فيه أحبُّ البقاء في زاويةٍ ما و أحادثكَ وحدك ، دونَ أن يشوب حديثنا عالمٌ افتراضي ، أحبُّ أن نعيش في عالمٍ وحدنا لذلك كتبتُ لكَ الرسائل الورقيّة ، الكثير من الرسائل الورقية .

أتدري يا صديقي ، أتمنى ولو مرة أن نبقى بعيداً عن كلّ شيء ونكفّ عن الكتابة في الورق لنسعد أنفسنا ونحادث بعضنا وجهاً لوجه ، أن نقف أمام بعضنا ونتحادث قليلاً ، قد نضحك أو نبتسم ، لكنَّ ابتعادنا عن زلزلة الإفتراض ستكون أجمل ، و أطهر . 

لنعش بهدوء قليلاً ، بسكينةٍ تُشبه أحاديث هديل ، أو حتى همسُ صوتك ، لنعش بسكينة رسولُ السماوات السّبع ، أو الوردة الصفراء التي ذبلت على طاولتي منذ 4 أعوام ، لا زلتُ أحتفظُ بها لسببٍ ما !

لنعش يا صديقي قليلاً بتجاهل افتراضية العالم الذي نتنفسه ، لنفتح أعيننا على الواقع وننظر للكتب المُكدسة على الطاولة ، الأوراق و المُلخصات التي تملأ الفراغات في كلّ مكان ، لنُمسك ورقةً بيضاء و قلماً و نكتب إلى الورقة : إلى جنتي ، ثمّ نكون بخير .. بل نعيشُ بسعادةٍ أيضاً .

صديقي .. أتدركُ ما الأمر المدهش في الرسائل الورقية ؟ أننا نكتب ثمّ لا نمحو ما كتبنا ، و أننا لن نستطيع أن نأخذ تلكَ الأحاديث و نقلها ، أنها تبقى في مكانين فقط ، في الورق وفي قلوبنا .

على طاولةٍ خشبية ، وبجانبي كوب قهوة ، و رواية ( في ديسمبر تنتهي كلّ الأحلام ) ، كتبتُ تدوينةٍ على ورق ، أتدري يا صديقي خطُ يدي أصبحَ سيء قليلاً ، لم اكتب منذ زمن خاصة بالعربية !

أتدري يا وتيني .. كعادتي جرّبتُ الإمساك بالقلم بيدي اليمنى لكنّ كما قلتِ لي مرةً و ألفَ مرة فأنا فاشِلة في ذلك ، لا أجيد حتى كتابة أحرف الهجاء بها ، أتدرين يا وتيني .. كتبتُ حتى فاحَ حبري .. أشتقتُ لتلكَ الليلة التي تبادلنا فيها الرسائل الورقية .

يا صديقي .. رغمَ برودة الشتاء إلا أنّ وجودك دفء ، حرفكَ احتواءٌ سيطفئ البخارُ الي يُطبع على الزجاج كلما تنفسنا ..

صديقي .. كُن جميلاً بقدر جميل الأحاديث الشتويّة ، طاهراً كطهر طقوس الفجرِ الشتويّة ، كُن جميلاً كديسمبر .. ففيهِ بدايةُ كلّ حلم ، وفيهِ الخِّتام .


السبت، 13 ديسمبر 2014

لأجل البريق البنيّ يا صديقي .


أريد مكاناً فامنحوني ذاك المكان !

مكانٌ خشبيّ بهِ كرسيّ خشبيّ هزاز و طاولة عليها آلةُ كتابةٍ قديمة مهترئة تصدرُ ضجيجاً كلما وضعتُ أصابعي على حرف ، أريدُ مكاناً بلا نوافذ أو أبواب سوى فتحةٍ في أحدِ زواياه أستطيعُ الدخول إليه خلاله ، أريده بلا سَقف ليدخل ضياءُ الشمسِ في كلّ مرة!

امنحوني ذاك المدى يترددُ في جنباتهِ صوتٌ واحد يلهمني وأنا أطقطق بأصابعي على تلكَ الآلة ، بلا ضجيجِ الجدران ، ونداءات الإحتياج ، بلا تحركٍ لتناول الطعام و الشراب ، أو حتى رؤية من يطرق الباب !

حباً بالله اتركوني أمضي يوماً واحداً مع أحلامي و دفاتري و أقلامي ، اتركوني في منفىً علني أكتب تلكَ الروايةُ فتستفيقُ روحي ، اتركوني بلا اسمٍ ليومٍ واحد ، تناسوا فقط أن لي اسمٍ فكفوا عن مناداتي !

أريد مكاناً لا أسمعُ فيهِ رنين الهاتف ، ولا تدله الحمام الزاجل ، أريد العيش دون تدنيس أحرفي باقتطاع وقتِ العشاء ، بالله عليكم مللتُ الإنقطاع عن ترتيب التفاصيل ، أو حتى عن تضميدُ الأحرف ، تعبتُ التوقف عن الكتابة ، عن احرفٍ تبقى معلّقةٍ كملابسٍ مبللة على حبلِ تدوينةٍ لم تكتمل لأن هذيانها قد قطعهُ نداء إمتحان ، في كلِّ مرةٍ أصيح دعوا أحلامي ، أريد أن أخلو بها أما تشعرون باحتياجي لذلك ؟

أصبحتُ لا أستطيع أن أجمع انفاسي مؤخراً فما أنا إلا مكدسةُ بين الأوراق و الكتب و الأعمال والأشياء التي لا تنتهي ، حتى أصبحتُ بغباء أنتبه للتفاصيل الدقيقة ، أصبحتُ أستوقفُ نفسي كلما رأيتُ عينيّ في المرايا لأدقق في ذاك العمق البنيّ ، و كأنني أحاولُ أن اخبئ ذاتي حينها ، أو أنني اتأكد أن احتياجي للابتعاد لا تظهرُ في عيناي ، ذاك البريقُ مختلفٌ جداً قالت لي ذلك وهيَ تدركُ حجم التغيّر الذي راودني !

أصبحت ملامحي غريبةٌ عليّ ما عدتُ اعرفها هذه الملامح فهي تتغيّرُ فاليومِ ألفُ مرةٍ مرة تماماً كتقلّب الأفكار داخلي كأنها أوراقٌ ترمى من ارتفاعٍ شاهقٍ في ذهني .

أصبحتُ اقرأني في الروايات و القصص ، أجدني في الكتب و أسمعني كثيراً ، اصبحت ملامحي تشبهُ كلّ الملامح لكنها في عمقيَ البنيّ مختلفة جداً ، هناك فجراً يستفيقُ بداخلي ، علني يوماً ما سأزهرُ به !

ثمةُ فرحٍ ينيرُ ضياء قلبي وسطَ احتياجي للابتعاد ، ثمةَ نورٌ ساطعٌ يعبرني ، ويبقى موشوماً داخلي طويلاً يجعلني اقرأ تلكَ الأحرف مرةً تلوَ مرة ، وكأنها ستدخل ضمن مقررات الإمتحان هذه المرّة ، و خوفاً ما بداخلي أن ينجرفَ بعيداً – كما ستنجرف هذه التدوينة مع تراكم التدوينات عليها – في تذكيري لنفسي كلما هممتُ بالكتابةِ كلّ مرة ، ثمةَ طيفٍ سيعاود قرائتها في كلّ مرة ، ستبقى دائماً حيّة لا تجرفها تتابع الحروف ، لذلك أصلي عميقاً وأنا اكتب !

يا صديقي .. في حاجتي و احتياجي وفي وسطِ منفاي فقط أشتهي أن نغادر إلى حيثُ أخبرتكَ تلكَ المرة ، أن نمضي بعيداً ثم نبتسم ، ونكونَ بخير .. أحتاجُ لذاك المكان وتلكَ الفسحةُ من نورٍ ولا يبقى فيها سوى صوتُ همسك ، وبريقَ عينيكَ ، ويدكَ تدفئني من البرد !

يا صديقي .. و إن ابتعدتُ عن هذا العالم بحجةِ احتياجي للبقاءِ وحيداً فلا تبتعد ، أبقَ على معرفةٍ دائماً أنني في حاجٍ إليك ، و أنني لن أبوحَ باحتياجي دائماً فكن معي !
يا صديقي .. امنحني ما أريد فأنتَ تدركُ حجمُ العمق البنيّ في عيناي ، وتدركُ لمَ كتبت و تدركُ يقيناً أني أحتاج لذلك لأجل البريق البنيّ في عيناي !


الاثنين، 8 ديسمبر 2014

سامِحني يا صديقي .

صديقي .. هذه المرّة رُبما أقسى عليكَ قليلاً ، أو أنني أملكُ أنانية الشعور ، أو تظنّ أنني فقط أصبحتُ اكرهُ كلّ شيء ، لكن لا تحسبني أبداً أني أكرهك ، سامِحني على كلّ ما سأكتبه الآن ثمّ لا تناقشني في الأمرِ حتى لأني أرهقتُ جداً منه .

يا صديقي .. سامحني الله على تلكَ المرات التي تأففتُ فيها من قراءة رسائلك ، على المرة التي اغرورقت عيناي بالدمع حينما قرأت رسائلك ، سامحني على البكاء الطويل لأني تذكرتك ، سامحني هذه المرة يا صديقي على كلّ الوجع المخبوء في صدري بسببك ، على أحرفي العجماء ، وهدوئي الغريب بسببك ، سامحني على ارتعاشة الليل ، وبكاء الفَجر ، و وحدةُ النهار بعدك ، سامحني على هاتفي المُهمل ، ورسائلي الموجعة ، على غضبي الدائم ، و خوفي الغبيّ من كلّ شيء .. فقط هذه المرّة سامحني يا صديقي .

يا صديقي .. سامِحني على جرحي لك ، على توجعكَ بسببي ، وعلى كسركَ بسببي ، لم أكن أدركُ أنني أسببُ ذاكَ الألمُ فيك أبداً ، و لم أدركُ أنني فطرتُ قلبكَ فطرينٍ وشقين ، لم أكن أعلم مدى حماقتي ، ولم أكن أعلم أني أنانيةٌ الشعور جداً ، وأن حرفي قد يوجعك ، لم أكن أدركُ أيٌّ من التفاصيل سوى بكائي الأحمق من كلّ شيء و كأن محورَ الكون كان ألمي حتى قرأتها للمرةِ الألف : بعض الأمور تجرحنا وإن حاولنا تجاهلها .

أتدري يا صديقي .. أحرفكَ تلكَ كانت تعنيني بحرقة ، كنتُ المسببُ لها ، وكذلك الذي يحاول التغاضي عنها ، كنت أحاول تجاهل الأمر و لو أنه جارح ، ويحرقني مع كلّ نفس ، يوجعُ قلبي ليلاً ويبكيني فجراً ، فسامحني جداً يا صديقي على أنانيتي المفرطة .

لا أقدرُ على التفكير بشيء ، لا أٌقدر على الكتابة ، أو مساومة الشعور داخلي  لا أقدر على أن نسيانك ، أو أنني أتجاهلك ، كلما أغمضتُ عينيّ رأيتك ، وكلما فتحتها تصادفني رؤياك ، اتدري يا صديقي .. اكتفيت منك أريد أن أعيش !

لستُ بذاك الحمقُ حتى أكرهك ، فالله أعلم من أنت في داخلي ، والله يعلمُ كمّ الأحاديث التي أحدّثه عنكَ كلّ ليلةٍ و لن أكتفي بذلك ، الله يدركُ حتماً ذاك الوجعُ المخبوء في قلبي وقلبك ، والله يدرك السبب في كلّ شيء .. لكنّ يا رفيق اما اكتفيت ؟

سؤالٌ يجرحني في كلّ مرةٍ لم فعلتَ ما فعلت ؟ لم تجرحني و تستمرُّ في طعني ، ليسهرَ كلٌ منا الليل مع جراحه ، كنا كالقمر لا يشوبنا شيء حتى قتلتنا تلكَ المرة ، وكأنكَ قطعتَ الوَتين المتأصلُ بيننا ؟

سؤالٌ لا أستطيع أن أتلفظَ به أو أن اسألكَ إياه ما الأمر يا نبضَ الفؤاد ؟ ما كان جُرمي تلكَ المرة ؟ لمَ تقتلُ نفسكَ وتقتلني ؟ تمزّقنا معاً مرةً تلو مرة !!!

حديثٌ جارحٌ موجعٌ يا صديقي .. سامِحني هذه المرّة .. و سأبقى ممتناً طوال حياتي ، حسناً افعل و انسى أنني كنتُ يوماً ، لن أكرهك ، فقلبي يآبى ذلك ، لكنِّ مع كلِّ دمعةٍ اسألُ نفسي هل احبك ؟ هل بقيتَ نفسك ؟
أحذفُ اسمي من كلّ الدعوات لأبكي لكَ بحرقة ، يوجعني قلبي و اهمسُ باسمك ، إليكَ شوقي ، وإحتياجي ، فالتغيّر كان موجعاً في كلّ مرة !

أحاول جعلكَ تكرهني بشتى الطرق ، أحاول أن أجمعَ شتاتَ قلبك لتكرهني ، و أكون بعيداً جداً عنك ، رغمَ أنني في كلّ مرةٍ نسيتُ جرحي .. تقترب مني وترشّ الجرحَ ملحا !

يا صديقي .. شُكراً على كلّ شيء .. وسامحني هذه المرّة فغداً روحي ستأفل !


#ستُحذف . 

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

البوحُ قاتلٌ يا صديقي .

يا صديقي .. أعلمُ أنكَ كثيراً ما تقرأ ، تُفكر ، ثمّ تصمت ، فيأسركَ الصمت و يوجعك الحال ، لكنكَ تدركُ انكَ تملكُ حرفاً يلتوي بالفرح فنقرأ منه الوجعَ فرحاً و نتفاءل به .

أدركُ يقيناً ما بصدرك من حديث ، ما لا تستطيعُ البوحَ به لأنكَ ستُخنقُ به ، لأنه سيسأسركَ ويؤلمكَ كثيراً ، البوحُ بهِ قاسٍ قد يودي بحياتكَ هدراً ، أدركُ ذاكَ الذي الصوتُ المبحوحُ في صدرك ، التي لن تُسمع صرخاته ، ولن يُستجاب لندائاته ، أعلم ذلكَ ما بقلبكَ من حديث ، وما بفكركَ من حروف ، وما بكَ من صمتٍ يحرقك !

صديقي .. تلكَ الحوارات التي قرأتها وأنتَ مختبئ خوفاً من أن يروكَ فيجرحوكَ بالحديث ، الأحرف التي خبئتها عن أعين الجميع وحدهُ الله يعلمها ، و الكبتَ الذي أنتَ فيه وحده الله من سيسمعُ حديثكَ وندائك ، فقط احمِ نفسكَ من الجراح ، ومن كلّ شيء ، أخلو مع الله ، وهاجر دونهم ، سافر بعيداً في المَدى و ابتسم .

قلتُ لكَ تلكَ المرة حادثني يا صديقي .. فقلتَ لي تلكَ الحكاية التي أعادها جدّك لمسامعك في كلّ مرة ، حكيت لي الحكايةُ الأسطورية التي يجهلها عن البعض ، عن المرأة التي تملك أحدَ عشرةَ اخت ، وفي يومٍ ما حينَ أدخل ابنائها الضيوفَ الغرباء لمنزلهم ، و أكرموهم طويلاً كانوا يظهرون الكرمَ وما ترّبوا عليه ، حتى اغتُصِبَت أمهم ، و قتلَ أولُ أبنائها ياسين ، تلكَ المرةُ هُجرت ، وتُركت ، كل أخوتها تخلّوا عنها ، رأؤوها مخيفةً تشتهي الإنتقام ، أو أنها مكسوةٌ بالعار ، ابتعدوا شيئاً فشيئاً ومضوا دونها في حيواتهم ، وهي تنكسرُ شيئاً فشيئاً حتى غزاها الشيبُ وهي تهمسُ انقذوني ..

كَبت الأخوات بعيداً عن اختهم ، وكلٌّ يشتهي أن يكونَ بعدَ والديهم هوَ المسؤول عن الجميع ، فتقارب الأعمار بينهم لا يعطي أيٌّ منهم الحقَّ في أن يقولَ أن الأكبر بينكم ، أو أنني المسؤول عنكم ، تزدادُ الصراعات بينهم بهدوءٍ غريب ، يلحظه البعضُ ويتجاهله ويتحدثُ فيه الآخر حتى ينتقمون منه ويصمت بعدها في قبرهِ إلى الأبد !

يوماً ما أعلنتَ احد الأخوات أن لها الحقَّ بكلّ شيء ، و أزهرت ، تراقصت فرحاً بالسيادة ، أشرقت ربيعاً و كانت فجراً منيراً ، حتى أثارت غيرةُ أختيها ، فتسللا على حينِ غفلةٍ في ليلةٍ ما لمحاولة قتلها ، جرحاها في كبدها بسيفٍ حاد حتى سقطت مغشياً عليها ، ظنّت الأختين أنها توفت فسارعتا بالهرب ، لكنّها لم تتوفَ فُجرحت كثيراً وابتعدت محاولةً ان تطوي جراحها من خيانةِ اخواتها !

أخوة يوسف و غدرهم ، يبدو أنهم أقلُ خبثاً من إخوةٍ نسوا دستورَ من سبقهم من أبائهم و أجدادهم ، نسوا أن السيادةُ التي بينَ يديهم ستبتعدُ عنهم ، وكلٌّ يحاول صنعَ فخٍ لأخيه !

ثمّ ماذا ؟ أتدري يا صديقي أنتَ تدركُ تماماً ان أولئك الأخوة لن ينعموا بسلامٍ يوماً ، فدعاءُ اختهم المظلومةً يشتدُّ عليهم كلّ ليلة ، وحديثها مع الله حتى الفجرِ يبقى موشوماً في صدورهم جراحاً !

أتدري يا صديق .. ذاتُ مرةٍ رأيت أحدُ الأخوة يحاول تبرئة جراحهِ ، يمشي طويلاً في الطرقات مغنياً ، يرقصُ برايةُ دمائه حتى أصبحَ مهووساً برايته ، إخوةٌ لم يولدوا في رحمِ الحياةِ لكنّهم خنقوا أنفسهم !

أتدري ماذا بعد .. أنتَ تدركُ ان جدّك حكى لكَ تلكَ القصة حتى تكونَ مع اخوتكَ كريماً ، حتى تبقى معهم دائماً وتخافُ عليهم من كلّ أذى .. أولئك الإخوةُ لم يكونوا يوماً إخوة !

إنهُ مجرّدُ وهمٌ انهم إخوة ، يتناقله الأجداد ليحكوها لأحفادهم ، و تقوّي بها الجدّات علاقتهنّ مع حفيداتهن ، إنها قصةٌ وهميةٌ أسطورية ، تجري كالدمِ فينا ، متمسكينَ بذاك الوهم ، لن نسستيقظَ منه مرةٌ ابداً !

لا بأس ، ادركُ يا صديقي أنكَ في اشتياقٍ لتروي تلكَ القصة لحفيدك ، لكنّ فكر إن كتبتها قبلَ تلكَ المرة هل سيتركك الإخوة ؟ سيقتلكَ الوهمُ من التفكيرُ بهم !

يُحكى أنها لعنةٌ تصيبُ راويها في كلّ مرة ، فيهذي بها كثيراً حتى يتبخرُّ جسدهُ في السماء ويرحل .

ابقي حديثكَ بصدركَ يا صديقي .. فليست كلّ القصصِ تروى ، وللبيوت حُرمات ، وليسَ كلّ ما في القلبِ يُباح به ، احذر يا صديقي .. بالبوحُ قاتلٌ أحياناً !

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

إلى باب الجنّة يا صديق .



أخبرتكَ ذات مرة تحتَ الغيمِ انها رحلت ، و حادثتكَ وقتها وقلت لي لا بأس من رحلوا سيجمعنا الله في الجنّاتِ معهم ، تبّسمتَ حينها و ابتسمتُ أنا لينطفئ شيئاً من الألمِ داخلي ، أخبرتكَ ذاتَ مرة ، أن من لا يأخذكَ للجنّة ليسَ بصديق ، طلبتَ مني ألا تغيّر أبداً ، ألا أكون مثلهم ، و اكون مختلفاً جداً ، و أنتَ تدركُ أني لن أتغيّر !

أخبرتني ذاتَ مرة أنكَ سعيدٌ لأنك تعرفني فهل أخبرتك يا صديق عن سعادتي بك يوماً ؟ لا أعلمُ ما أقولُ لكَ سوى أنكَ تشعلُ روح مبسمي كلما رأيتك ، وفي كلّ صباح أراكَ حتى يطمئنَ قلبي ، حتى تسكن روحي وتدركُ أنكَ معها على خطىً واحدة ثابتة .

في تلكَ المرةُ يا صديقي حينَ تصاعد فيّ الألم ، حينما حادثتني و الخوفُ يملؤ عينيكَ أدركتُ حقاً أني أخافُ عليكَ من كلّ شيء ، و أخافُ أن يأتي ذاك اليوم وتعصفُ بيَ الحياةُ بعيداً ، وقتها سيعصركَ الألم ، و سأكونُ مثلهم .. قد رحلت !

يا صديقي .. أنا حينَ انظر إليك ، اتأمل عميقاً خلفكَ ، خلفَ بابِ العامود الذي سنلتقطُ أمامه صورةً تذكارية ، انظرُ للعمقِ البعيدِ في صلاةِ الفجرِ في الأقصى ، في الإتكاء على أحدِ الجدران لنكتب هُناك معاً ، في تلكَ المرةُ يا صديق حينَ قلتُ لكَ أننا سنذهب إلى القدسِ معاً ، علت سماء الحبّ في صدري لك ، حتى أنني وقبلَ أن أنام أجددُ ذاكَ العهدُ لنفسي أننا في الأقصى – بإذن الله – مصلون .

على بابِ الأقصى ذاتَ مرةٍ رأيتنا في الحلمِ نتحادثُ تحتَ ضوء القمر ، نحكي قصةَ بطولات أمتنا ، ونحكي أحلامنا التي كَبرت ، لتقولَ لي أتذكرُ ذاك الليلُ الذي خططنا لهذا فيه ، في الأقصى يا صديقي حينَ نصلُ إليه ، سنكونُ سعداء به .

سنطوفُ في يافا وحيفا ، وسنزور بيت اللحم و الخليل و سنبقى على شواطئ غزة ، نتأمل الطهرَ فيها ، التربُ التي خُلطت بدمِ الشهداء ، وهُناك في فلسطين يا صديق ، حينَ تكونَ حرّة ، وحينَ تدوّنُ الأمجاد فيها ، سيهدأ ذاكَ القلقَ الذي يراودنا كثيراً لحالِ أمتنا !

يا صديق .. لا أعلمُ أيُّ ذكرى تلكَ التي أرويها عنك ، فكلّ الذّكرى مكللةً بالأحلام التي تُبنى ، و أحلامنا التي تحلّقُ معنا ، تسافرُ بنا طويلاً ثمّ تحيي روحنا تارةً أخرى ، ويبقى حُلمنا الموشوم في الجانب الأيسرِ من صدرينا باللقاءِ هُناك : على أبواب الجنّة !

خاطبتكَ يا صديقي تلكَ المرةِ عن شوقِ الجنّة ، عاهدتني أن نمضي إليها ، عاهدتني أن تمسكَ بي من فوهةِ الضلال ، أتذّكرُ حينما تمضي في عهدك ، وحينما تذكرني بالجنّة كي يطمئن قلبي.

يا صديق .. على قارعةِ الطريقِ ذاتَ مرةٍ تصادفنا ، فنبضتَ أحلامنا بالحبّ وكبرت بداخلنا ، فلا تترك حلمي وحدي ، وابقَ على وعهدك يا صديق !

أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنك مختلفاً جداً عن الجميع و أنّ وجودكَ معي يعني لي الكثير ؟ و أنكَ حينَ تكونُ بخير يطمئنُ قلبي ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أن مبسمي كلّ صباحُ يزدانُ بعد رؤياك ؟ و أنكَ حينَ تضحك تشعلُ فيّ أملاً بالحلمِ الطويل ؟ أأخبرتك ذاتَ مرة أن صداقتنا تمتدُّ إلى بابِ الجنّة ؟ حتى يقال لنا " ادخلوها بسلامٍ آمنين " ؟ 

أأخبرتكَ ذات مرة أن تمسك بالعهودِ بيننا ولا تتركني ؟ أأخبرتكَ ذاتَ مرة أنكَ الأقربُ إلى قلبي فلا تبتعد ؟ و أنكَ موشومٌ في الجانبِ الأيسرُ من صدري فلا تتغيّر عليّ ؟ أقلتُ لكَ أني أشتاقُ للجنّة معك ؟ و أني أحبك ؟ حسناً ها أنا ذا أخبرك بذلك !


الاثنين، 24 نوفمبر 2014

انظر بقلبكَ يا صديقي .


عندما تتعمقُ في الأشياء ، لا يُصبحُ لعينيكَ معنىً عميق ، تُصبح عينيكَ مجرّدة من الرؤية ، وكأنها لا ترى البعيد ، و إلا ترى إلا الجزء الطفيف من النصوصُ المحفورة ، حينما تنظر بقلبك يا صديق يُصبح للحياةِ معنى أجمل !

عندما مُنحت الحياة في هذا العالم فأنت تملكُ الفرصة لتكون سعيد ، لتصنع سعادتك بنفسك ، لتقرأ الأشياء بعمق ، لتنظر إليها بقلبكَ لا بعينيك ، عندما يمنحك الله الحرف ، من واجبك أن تكتب ولو كان حرفاً ضئيلا ، و حينما تعطى سبباً لتحزن ، عليكَ أن تمنح نفسك أسباباً للفرحِ ليسَ إلا .

أولئك الذين رحلوا عن قلوبنا ، الله يفسحُ مساحاتٍ أخرى لأشخاصٍ آخرين سيكونون أجمل في حياتنا ، أولئك الذين رحلوا لم يكونوا مُخلدين ، انظر بقلبكَ يا صديقي  فرحيلهم علّمنا درساً ، انظر بروحك يا صديقي أنكَ لا زلتَ تحيا ، و أنكَ قد تعيش!

انظر بقلبكَ للحبِّ المخبوء في قلبك ، انظر للأحاديثِ الطويلة و حكايا الياسمين ، انظر لمعنى الحبِّ للجناتِ يمضي ، انظر له ، ابتسم ، لا تبتأس ابداً يا صديق ، فالحبَّ يروي دربنا ، و اللهُ أقربُ للوريد في كلّ حالات السكون .

انظر بقلبكَ لظلمات الليل قبلَ الفجر يا صديق ، لعلّ الشاعريةُ تستفيقُ بداخلك ، لعلّ ديوانَ القصيد سيبدأ مع ذاكَ الظلام ، انظر بقلبكَ للحروف ابتسم مع شروق الفجر ، لا تبتأس !

من حرّك الأحلام حينَ استفاقت داخلك ، من قرّب الأشياءُ كالآمال في حرفك ، من مارسَ الأشواقَ بين صفوفِ روايتك ، من علّمك من خاطبك ، من أرشدك أن هذا الوجعُ يوماً ، مع غروبِ الشمس يأفل ، أن ذاك الشّغفَ يكبر ، و أن الألم ليسَ مخلداً في عمقِ قلبك ، انظر بقلبكَ في تفاصيل المساء أن الفرحَ دوماً قادمٌ ، وأنه مع ظهور الفجرِ يشرق .

من يواسي شهقاتُ قبل الفجرِ بالفقدِ الأليم ، من يُشبعُ الإلحاح للقاءِ بداخلك ، من يروي أحلام الخلود بجنّتك ، من يجيبُ تراتيل السماء من عمقِ خوفك ، من يُنسيكَ الوجع ويحفرُ الفرحُ في وسطَ قلبك ، انظر بقلبك !

اللهُ مع أمنيات الفجرِ يرويها ، و تَكبرُ في عمقِ قلبك ، اللهُ يُزهرها و ينبتها فتفرحنا ، اللهُ يخلقها من قولهِ لها كُونِ فتكن ، الله يصنعُ أمنيات و معجزات ، كانشقاق القمر في حضورِ قريشِ تُصدم ، اللهُ أحال بعصاهُ لحيّة تسعى و تأكل ، الله شقّ البحرَ شقينٍ لموسى حينَ يعبر ، الله مع هذا وذاك في حاجتهِ و احتياجه ، انظر بقلبك !

" نواصينا بيدك ، ماضٍ فينا حكمك ، عدلٌ فينا قضائك " ، للهِ نخضع فنأمن و نطمئنُ بعدلهِ ، اللهُ يروي جفافَ حديثنا ، فانظر بقلبك ، حدّث الله كثيراً يا صديق ، حدّثهُ عن وجعك وفرحك ، اسجد له ، ابكِ و اروي له ما قد يوجعك ، الله وحدهُ يسمعك ، انظر بقلبك !

الله يسمع دويّ كسرك ، و يسمعُ وجعُ جرحك ، الله يطمئننا إن البشرى لذاكَ الصبرَ يوم الحساب ، و بهِ في الفردوسِ نقطن ، الله يا صديق وحده من يسمعك ، وحده من يحتويك ، وحده من يخفف عنك عن أوجاعك السبعون ، و يطفئُ غليل وجعك ، الله حينَ تبتأس ، انظرُ بعمقٍ الليل في قلبك ، تحدّث ، قُل يا الله حتى يبحّ صوتك !


ابتسم ، لا تبتأس ، افرح وامضي بالسّعادةُ في الطريق ، الله وحده من يكون معك ، انظر بقلبك يا صديق .. إن الله معنا !

الأحد، 23 نوفمبر 2014

العطاءُ جنةٌ يا صديقي .


يا صديقي .. أراودك ذاكَ الشعورُ بالبُؤس من هذا العالم ، حين اسودّت الدّنيا في عينيك ، حينَ حاصرك الألمُ تلكَ المرة ، فبقيتُ مكللاً بالوجعِ متألما ، تخيّل أنكَ تمضي متمنياً ان تخطفكَ السّماء ، أن يأخذكَ الرحيلُ من هذا العالم ، أن تتلاشى من الحماقة التي تؤلمك ، ليأتيكَ نداءً أن هناك من يحتاجُ الحياة ، يتسللُ إليكَ ذاك الطيفَ أن هبهُ دمائك ، أحييه مرةً اخرى لعله للمسجدِ الأقصى سيكونُ مُحررّ ، تذهب هُناك تنسلّ الدماءُ منكَ قطرةً تلوَ قطرة ، ومع كلّ قطرةٍ يتلاشى بريقُ الوجعِ من عينيك ، تُزهرُ ابتسامتكَ بسماعِ الدعوات تنهمرُ عليكَ مثلُ السيل ، تلكَ المرة أُزيحَ كلّ الوجعُ الذي بداخلك ، كُفّن الحزنُ وقتها ، لُيدفن دونك في السّراب ، يرحلُ مع الوهم ، كنتَ سعيداً جداً ، لتدركَ حينها أن العطاء جنّة !

أتذكرُ تلكَ المرةَ يا صديق حينما تبسّم الشغفُ فيك ، حينما أزهرت ربيعاً يانعا ، حينما أعطيتني كفيكَ لتقولَ لي : هيّا لنعطي ، حينما حادثتني وقلتَ لي أنكَ تتألم وأنك حزين ، و العطاء كفيلاً لأن يغسل روحك من كلّ وجع ،  حينما قلتَ لي أنكَ تظنّ ان احد دعوات من أعطيت أمطرتكَ بي ، أتدري يا صديقي العطاءُ جنّةُ في هذا العالم البائس و أنت لا تحتاجُ إلى احدٍ ليلقنّك هذا الدّرس ، فقد حفظناهُ غيباً من افعالك !

أتدري يا صديق ، ذاتَ مرةٍ أعطتيني الفرحُ مغلفاً من بسمةِ ثغرك ، وهي تخبرني أن الدربَ محفورٌ إلى الجنّة ، و أعطيتني الحبّ من بريق عينيكَ وهي تروي الشوقَ لجنّةِ عرضها السماواتِ و الأرض فيها متجاورين .

أتدري يا صديقي أعطيتني تلكَ الليلة الإطمئنانَ بعد الوجعِ في حلكةٍ الليل بحديثٍ معك ، أدركتُ فيها أني سعيدٌ جداً ، أعطيتني وكنتَ كريما ولم تبخل ، أعطيتني جلّ وقتكَ لتحوي الوجعَ وترمي به في رمادِ الصفحةِ المحروقة من بؤسِ ذاك اليوم ، أخبرتني يا صديقي أن العطاء جنّةٌ دونَ أن تتعمد فعلَ ذلك!

يا صديقي .. حينما أعطيتني الحرفَ إلهاماً منكَ موشوماً على طهرَ روحك وقلتَ لي ابتسم لا تبتأس ، و حينما أعطيتني ملائكيةُ روحكَ لتحلّق بي فوق الغيم ، كلّ التفاصيلُ منكَ تخبرني أن العطاء جنّة ، وأنكَ تلكَ المرةُ حينما أمسكتَ بيدي ووعدتني أن تحقق حلمي ، أعطيتني فرحاً بلا مُقابل .

أتدري يا صديقي ، إني اخجلُ ان ابتأس و أنتَ في هذا العالم تنظرُ لي و تبتسمَ في كلّ مرةٍ لتخبرني أن هذا اليوم مُزهر ، أمسكتني تلكَ المرة لتمضي بي في طريقِ العطاء ، لَيُزهرَ دربنا ، بالحبِّ يا صديقي أعطيتَ لهذا العطاء مذاق .

تلكَ المرةَ التي زرعتَ فيّ تلكَ النبتةُ العميقةُ داخلي ، لتُورقَ عطاءً مضوّعاً بالفرحِ لا يمسّهُ شيء كانت الأجملُ في كلّ لقائاتنا ، تلكَ المرةُ التي أزهرتَ فيها ياسميناً ابيضاً كانت تحملني إلى الجنّة معك ..

يا صديقي ، مهما عُصفتُ بعيداً عنك ، ومهما كنتَ قريباً مني سأحدّثُ الله عنكَ كثيراً ، سأروي فوقَ الغيمِ مراتٍ ومرات ، وسيضلُّ حديثٌ موشومٌ في صدري انكَ يا صديقي علّمتني ذاتَ مرة أن العطاءَ جنّة وفي كلّ مرةٍ ومرة تعيدُ لي سردُ تلكَ الأقصوصة ، وتحملنا للفردوسِ بقلوبٍ مزهرة .

يا صديقي .. أمسك يدي في كلّ مرة تراني بعينيك وبسمةُ شفتيك ، وردد لي في عمقِ روحك أن العطاء جنّة ، سيصُلني حديثكَ الموصولُ بروحي .. و أرددُ في كلّ دعوةَ ارزقهُ جنّةً كما علّمني أن العطاء جنّة !


يا صديقي .. ابتسم ، لا تبتأس ،  احملني للجنّة كما علّمتني أن العطاءَ جنة !