الاثنين، 29 ديسمبر 2014

لا أحدَ يبقى يا صديقي .

" لا أحدَ يبقى ل أحد "
كانت تلكَ الوَداعية التي قلبتُ منها صفحةً في حَياتي ، بقلبٍ منكسر ، همسٌ ضعيفٌ يحادثني : لا أحد .
 
الفَترة الزّمنية التي يبقى فيها أحدٌ معي مهما طَالت ستنتهي ، سأحرص على أن لا يستندَ عليّ أحد ، لستُ معولاً للأحلام ، ولستُ باقيةٍ لأحد .
 
تطلبُ مني الوَفاء ؟ من وفائي ألا أوهمكَ أني باقيةٌ لك ، فلستُ لأحد ولا أحد لي.
 
عليكَ أن تفهم جيداً لم أخلق لأكون نصفَ أحد ، خُلقتُ واحد ، و سأضلُّ واحد .
 
الزّهرُ مهما طالَ ريحهُ يوماً ستذبل ، و الشجرُ مهما لذَّ ثمره يوماً سيفنى ، والغيمُ مهما غزُرَ مطره يوماً سيسكن .
 
الريحُ مهما ناثرتْ رملاً يوماً سيُدفن ، و الليلُ مهما طالَ في ارتعاشةِ الشتاء يوماً سيأفل .
 
الكلمُ مهما كانَ منسوجاً ببلاغةِ يوماً سيُدثر ، و الفكرُ مهما تناقلهُ المعلمين يوماً سيَنسى ،  و المرضُ مهما أرهقَ الطفلِ الحزين يوماً سيشفى .
لا شيء يبقى يا صديقي .. لا شيء يبقى !
 
كلّ ما في الأرضِ فانٍ ، كلّ ما في المُزنِ هاطِل ، كلّ ما في القلبٍ مكتوماً سيُروى يوماً ، وكلّ استنادات الحَياة .. يوماً ستُكسر .
 
يا صديقي .. ليس البشرَ معاولاً حتى تعيشَ مستنداً عليهم ، و ليسَت الأشياءُ من حولكَ عكازاً ستدفعُ عنكَ ألمك !
 
ليسَ الخلودُ مدوّنا في صدرِ هذي الأرضُ أبدا .
 
ليسَت الدُنيا بقاءٌ يا صديقي : لم تبتأس ؟
 
ليستْ الأشياءُ تبقى ، و ليستْ الأحلام تَفنى !
 
أنتَ ترحل ، غيركَ يولد تتبادلُ الأدوارُ في رحمِ الحياة .
 
هل من أحد يبقى و يسكن يا صديق ؟
 
هل من أحد يوشمُ في قعرِ هذا الأرضِ باقٍ ؟ لا تبتأس .
 
لا أحد يبقى يا صديقي ، لا أحدَ يفعل .
 
كانت تقولُ : وحدهم من لا يَرحلون ، وحدهم من يسكنونَ قلوبنا سكناً عميقاً ، وحدهم باقون في
أرضِ الفَناء ، وحدهم لو أنّ هذيِ الأرضُ تحدّثت همست هم أخيارنا .
 
كانت تُحاكيني وتبكي : لا تقولي لا خُلود ، فحروفهم قد دوّنت ، و حديثهم يبقى فوقَ الغيمِ محفوظاً .
 
لا شيء يبقى إلا ياسمينَ الطُّهر محفوراً بهمسِ الفَجر ، إلا أحاديثُ الإلهِ بعينٍ خضّبها الخشوعُ ، إلا صلاةٌ من سكونِ القلب تنادي بصدرِ الكون : يا الله .
 
لا أحدَ يبقى يا صديقي إلا الجنّان ، إلا الرحيلُ إليها بحبٍّ .
 
لا شيء يبقى غيرَ فرحٍ كُتبَ للجناتِ يمضي .
 
لا أحد يبقَ يا صديقي ، لا تَنتظر !
 
ابقَ بجانبِ من كان لكلّ أحد .
 
من طمئن قلبينٍ بوسط الغار و يقولُ لصاحبِه : لا تَحزن إن الله مع معنا .
 
اللهُ وحدهُ يا صديق ، دائماً لنا ومَعنا .
 
اللهُ وحدهُ فابقَ طوالَ الوقتِ معهُ يا عزيزي .
 
اكتب بوسطِ حديثكَ الليليّ حرفاً لا ينتهي : لا أحدَ يبقى إلا حديثَ الله ، و دربُ الزّهر للجناتِ يمضي .
 
وغيره ؟ لا شيء يبقى ، و لا أحد .
 

هناك تعليق واحد: