حديثٌ شتويّ ، دفءُ أحرف ، قهوةٌ ساخِنة ، و رواية ، أحرفٌ طويلة حتى
الفَجر ، غَيم الفَجر ، مشهد الشروق ، البخارُ الذي يُحفرُ في الزجاج ، الصوتُ
الذي يعيدنا للحياة ..
الشتاء .. رغمَ إرتعاشة البردُ فيه إلا أنّ تفاصيلهُ هيَ دائماً الأجمل ،
دفءُ الحديث ، حضن الحروف ، طبطبة الكلمات .. أشياء لا يشبهها أيّ شيء !
يا صديقي .. انظرُ على يمينك أترى ما أرى ؟ رأيتَ الغيمَ مزرقاً بلونٍ
زهريّ .. رأيتَ الفجر يشرقُ تلكَ المرة .. و رأيتكَ تضعُ نظارتكَ جيداً وتبتسم ،
ابتسمتُ خلفكَ بسعلةٍ طبعت بخاراً على الزجاج ، أتدركُ الطهرَ الكامن في ذاك
المشهد يا صديق حينَ قلتُ لكَ ليتنا مثله ، أتحدث عن ذاكَ الفجرُ الباسم تلكَ
المرة يا صديق .
صديقي .. بعيداً عن ضجيج العالم ، بعيداً عن الصخب فيه أحبُّ البقاء في
زاويةٍ ما و أحادثكَ وحدك ، دونَ أن يشوب حديثنا عالمٌ افتراضي ، أحبُّ أن نعيش في
عالمٍ وحدنا لذلك كتبتُ لكَ الرسائل الورقيّة ، الكثير من الرسائل الورقية .
أتدري يا صديقي ، أتمنى ولو مرة أن نبقى بعيداً عن كلّ شيء ونكفّ عن
الكتابة في الورق لنسعد أنفسنا ونحادث بعضنا وجهاً لوجه ، أن نقف أمام بعضنا
ونتحادث قليلاً ، قد نضحك أو نبتسم ، لكنَّ ابتعادنا عن زلزلة الإفتراض ستكون أجمل
، و أطهر .
لنعش يا صديقي قليلاً بتجاهل افتراضية العالم الذي نتنفسه ، لنفتح أعيننا
على الواقع وننظر للكتب المُكدسة على الطاولة ، الأوراق و المُلخصات التي تملأ
الفراغات في كلّ مكان ، لنُمسك ورقةً بيضاء و قلماً و نكتب إلى الورقة : إلى جنتي
، ثمّ نكون بخير .. بل نعيشُ بسعادةٍ أيضاً .
صديقي .. أتدركُ ما الأمر المدهش في الرسائل الورقية ؟ أننا نكتب ثمّ لا
نمحو ما كتبنا ، و أننا لن نستطيع أن نأخذ تلكَ الأحاديث و نقلها ، أنها تبقى في
مكانين فقط ، في الورق وفي قلوبنا .
على طاولةٍ خشبية ، وبجانبي كوب قهوة ، و رواية ( في ديسمبر تنتهي كلّ
الأحلام ) ، كتبتُ تدوينةٍ على ورق ، أتدري يا صديقي خطُ يدي أصبحَ سيء قليلاً ،
لم اكتب منذ زمن خاصة بالعربية !
أتدري يا وتيني .. كعادتي جرّبتُ الإمساك بالقلم بيدي اليمنى لكنّ كما قلتِ
لي مرةً و ألفَ مرة فأنا فاشِلة في ذلك ، لا أجيد حتى كتابة أحرف الهجاء بها ، أتدرين
يا وتيني .. كتبتُ حتى فاحَ حبري .. أشتقتُ لتلكَ الليلة التي تبادلنا فيها
الرسائل الورقية .
يا صديقي .. رغمَ برودة الشتاء إلا أنّ وجودك دفء ، حرفكَ احتواءٌ سيطفئ
البخارُ الي يُطبع على الزجاج كلما تنفسنا ..
صديقي .. كُن جميلاً بقدر جميل الأحاديث الشتويّة ، طاهراً كطهر طقوس
الفجرِ الشتويّة ، كُن جميلاً كديسمبر .. ففيهِ بدايةُ كلّ حلم ، وفيهِ الخِّتام .
.
ردحذف.
مرحبًا .. دخُول مترنّح !
أشتاق ثرثرة الشتاء بالمناسبةة
بل ربما ، أشتاق كُل شيء يحمل طعم الدفء
في غمرة البَرد وشتويّة الأحاسيس !
هل أخبرتكِ عن مدى حُمق الحنين ؟؟
لا ، بل نحن الحمقى كما تقولين ..
أتعلمين ،
أصبحتُ أصدّق حرفي بلا تفكير ،
فَـ ها أنا خدِرة ، نضبت عُروق الحُب فيها !
حياتي تكتّلت في كُومة أوراقٍ وكُتب
وكأس شايٍ مُر !
لا شيء يدلّ على أنني لا زِلت أعيش !
وحينَ أتمرّد قليلًا ،
أو أغفو على السُّلم أو الأرض الباردة
أو أتربّع أمام حوض الأسماك أشاهده
بِـ صمتٍ لِـ فترات طويلة ،
أو أحادث نفسي بصوت عالٍ
وأضحك من لا شيء
فقط لأنني نسيت صدى ضحكتي ،
حينها ، يتّهمونني بالجُنون !
بأنني فقدتُ عقلي !
وكأنني من كوكب مختلف .
لا بأس في ذلك حقيقةة ")
ولكنني أشتاقُ فقط ، لِـ أن أكتب !
أن أكتب بِـ شغفٍ يَ شغفي !
أنا أخشى أن أنسى كيف أكتب !
لأني سَـ أنتهي حينها حتمًا ..
لا شيء يستدعي حرفي
سوى ذاك الحنين الأحمق
والعتاب الأخرس !
أحاديثكِ عن الصديق دائمًا ما تكون شيئًا جديدًا
بالنسبة لي !
كوني لم أجرب شيئًا منها بعد ..
بل ربما لأنني أؤمن أنني لا يجب أن أفعل
لأني هكذا لِـ وحدي ، أفضل !
حسنًا - دعيكِ منّي !
أنا بخير حينَ أجدكِ تكتبين
الحرف ترياقُ الحياة حقًا ..
بدأتُ أهلوس وأتخبط وسط الحروف
كل ما في الأمر أني وددتُ لو أضع شيئًا هنا !
قد فعلت .. وشكرًا ":