السبت، 13 ديسمبر 2014

لأجل البريق البنيّ يا صديقي .


أريد مكاناً فامنحوني ذاك المكان !

مكانٌ خشبيّ بهِ كرسيّ خشبيّ هزاز و طاولة عليها آلةُ كتابةٍ قديمة مهترئة تصدرُ ضجيجاً كلما وضعتُ أصابعي على حرف ، أريدُ مكاناً بلا نوافذ أو أبواب سوى فتحةٍ في أحدِ زواياه أستطيعُ الدخول إليه خلاله ، أريده بلا سَقف ليدخل ضياءُ الشمسِ في كلّ مرة!

امنحوني ذاك المدى يترددُ في جنباتهِ صوتٌ واحد يلهمني وأنا أطقطق بأصابعي على تلكَ الآلة ، بلا ضجيجِ الجدران ، ونداءات الإحتياج ، بلا تحركٍ لتناول الطعام و الشراب ، أو حتى رؤية من يطرق الباب !

حباً بالله اتركوني أمضي يوماً واحداً مع أحلامي و دفاتري و أقلامي ، اتركوني في منفىً علني أكتب تلكَ الروايةُ فتستفيقُ روحي ، اتركوني بلا اسمٍ ليومٍ واحد ، تناسوا فقط أن لي اسمٍ فكفوا عن مناداتي !

أريد مكاناً لا أسمعُ فيهِ رنين الهاتف ، ولا تدله الحمام الزاجل ، أريد العيش دون تدنيس أحرفي باقتطاع وقتِ العشاء ، بالله عليكم مللتُ الإنقطاع عن ترتيب التفاصيل ، أو حتى عن تضميدُ الأحرف ، تعبتُ التوقف عن الكتابة ، عن احرفٍ تبقى معلّقةٍ كملابسٍ مبللة على حبلِ تدوينةٍ لم تكتمل لأن هذيانها قد قطعهُ نداء إمتحان ، في كلِّ مرةٍ أصيح دعوا أحلامي ، أريد أن أخلو بها أما تشعرون باحتياجي لذلك ؟

أصبحتُ لا أستطيع أن أجمع انفاسي مؤخراً فما أنا إلا مكدسةُ بين الأوراق و الكتب و الأعمال والأشياء التي لا تنتهي ، حتى أصبحتُ بغباء أنتبه للتفاصيل الدقيقة ، أصبحتُ أستوقفُ نفسي كلما رأيتُ عينيّ في المرايا لأدقق في ذاك العمق البنيّ ، و كأنني أحاولُ أن اخبئ ذاتي حينها ، أو أنني اتأكد أن احتياجي للابتعاد لا تظهرُ في عيناي ، ذاك البريقُ مختلفٌ جداً قالت لي ذلك وهيَ تدركُ حجم التغيّر الذي راودني !

أصبحت ملامحي غريبةٌ عليّ ما عدتُ اعرفها هذه الملامح فهي تتغيّرُ فاليومِ ألفُ مرةٍ مرة تماماً كتقلّب الأفكار داخلي كأنها أوراقٌ ترمى من ارتفاعٍ شاهقٍ في ذهني .

أصبحتُ اقرأني في الروايات و القصص ، أجدني في الكتب و أسمعني كثيراً ، اصبحت ملامحي تشبهُ كلّ الملامح لكنها في عمقيَ البنيّ مختلفة جداً ، هناك فجراً يستفيقُ بداخلي ، علني يوماً ما سأزهرُ به !

ثمةُ فرحٍ ينيرُ ضياء قلبي وسطَ احتياجي للابتعاد ، ثمةَ نورٌ ساطعٌ يعبرني ، ويبقى موشوماً داخلي طويلاً يجعلني اقرأ تلكَ الأحرف مرةً تلوَ مرة ، وكأنها ستدخل ضمن مقررات الإمتحان هذه المرّة ، و خوفاً ما بداخلي أن ينجرفَ بعيداً – كما ستنجرف هذه التدوينة مع تراكم التدوينات عليها – في تذكيري لنفسي كلما هممتُ بالكتابةِ كلّ مرة ، ثمةَ طيفٍ سيعاود قرائتها في كلّ مرة ، ستبقى دائماً حيّة لا تجرفها تتابع الحروف ، لذلك أصلي عميقاً وأنا اكتب !

يا صديقي .. في حاجتي و احتياجي وفي وسطِ منفاي فقط أشتهي أن نغادر إلى حيثُ أخبرتكَ تلكَ المرة ، أن نمضي بعيداً ثم نبتسم ، ونكونَ بخير .. أحتاجُ لذاك المكان وتلكَ الفسحةُ من نورٍ ولا يبقى فيها سوى صوتُ همسك ، وبريقَ عينيكَ ، ويدكَ تدفئني من البرد !

يا صديقي .. و إن ابتعدتُ عن هذا العالم بحجةِ احتياجي للبقاءِ وحيداً فلا تبتعد ، أبقَ على معرفةٍ دائماً أنني في حاجٍ إليك ، و أنني لن أبوحَ باحتياجي دائماً فكن معي !
يا صديقي .. امنحني ما أريد فأنتَ تدركُ حجمُ العمق البنيّ في عيناي ، وتدركُ لمَ كتبت و تدركُ يقيناً أني أحتاج لذلك لأجل البريق البنيّ في عيناي !


هناك 4 تعليقات:

  1. جميييلة جداً����

    ردحذف
  2. جميل جدااا البريق البني لكنني تفاجئت بهده التدوينة
    كنت انتظر تدوينات العتاب والهجاء والحدف
    مفاجئة...("

    ردحذف
    الردود
    1. لمَ ؟
      حياتنا ليست مبنية على ذلك .

      حذف
  3. نُهَى ، عميقَة فِي نَزفكْ !

    ردحذف