أريد مكاناً فامنحوني ذاك المكان !
مكانٌ خشبيّ بهِ كرسيّ خشبيّ هزاز و طاولة عليها آلةُ كتابةٍ قديمة مهترئة
تصدرُ ضجيجاً كلما وضعتُ أصابعي على حرف ، أريدُ مكاناً بلا نوافذ أو أبواب سوى
فتحةٍ في أحدِ زواياه أستطيعُ الدخول إليه خلاله ، أريده بلا سَقف ليدخل ضياءُ
الشمسِ في كلّ مرة!
امنحوني ذاك المدى يترددُ في جنباتهِ صوتٌ واحد يلهمني وأنا أطقطق بأصابعي
على تلكَ الآلة ، بلا ضجيجِ الجدران ، ونداءات الإحتياج ، بلا تحركٍ لتناول الطعام
و الشراب ، أو حتى رؤية من يطرق الباب !
حباً بالله اتركوني أمضي يوماً واحداً مع أحلامي و دفاتري و أقلامي ،
اتركوني في منفىً علني أكتب تلكَ الروايةُ فتستفيقُ روحي ، اتركوني بلا اسمٍ ليومٍ
واحد ، تناسوا فقط أن لي اسمٍ فكفوا عن مناداتي !
أريد مكاناً لا أسمعُ فيهِ رنين الهاتف ، ولا تدله الحمام الزاجل ، أريد
العيش دون تدنيس أحرفي باقتطاع وقتِ العشاء ، بالله عليكم مللتُ الإنقطاع عن ترتيب
التفاصيل ، أو حتى عن تضميدُ الأحرف ، تعبتُ التوقف عن الكتابة ، عن احرفٍ تبقى
معلّقةٍ كملابسٍ مبللة على حبلِ تدوينةٍ لم تكتمل لأن هذيانها قد قطعهُ نداء
إمتحان ، في كلِّ مرةٍ أصيح دعوا أحلامي ، أريد أن أخلو بها أما تشعرون باحتياجي
لذلك ؟
أصبحتُ لا أستطيع أن أجمع انفاسي مؤخراً فما أنا إلا مكدسةُ بين الأوراق و
الكتب و الأعمال والأشياء التي لا تنتهي ، حتى أصبحتُ بغباء أنتبه للتفاصيل
الدقيقة ، أصبحتُ أستوقفُ نفسي كلما رأيتُ عينيّ في المرايا لأدقق في ذاك العمق
البنيّ ، و كأنني أحاولُ أن اخبئ ذاتي حينها ، أو أنني اتأكد أن احتياجي للابتعاد
لا تظهرُ في عيناي ، ذاك البريقُ مختلفٌ جداً قالت لي ذلك وهيَ تدركُ حجم التغيّر
الذي راودني !
أصبحت ملامحي غريبةٌ عليّ ما عدتُ اعرفها هذه الملامح فهي تتغيّرُ فاليومِ
ألفُ مرةٍ مرة تماماً كتقلّب الأفكار داخلي كأنها أوراقٌ ترمى من ارتفاعٍ شاهقٍ في
ذهني .
أصبحتُ اقرأني في الروايات و القصص ، أجدني في الكتب و أسمعني كثيراً ،
اصبحت ملامحي تشبهُ كلّ الملامح لكنها في عمقيَ البنيّ مختلفة جداً ، هناك فجراً
يستفيقُ بداخلي ، علني يوماً ما سأزهرُ به !
ثمةُ فرحٍ ينيرُ ضياء قلبي وسطَ احتياجي للابتعاد ، ثمةَ نورٌ ساطعٌ يعبرني
، ويبقى موشوماً داخلي طويلاً يجعلني اقرأ تلكَ الأحرف مرةً تلوَ مرة ، وكأنها
ستدخل ضمن مقررات الإمتحان هذه المرّة ، و خوفاً ما بداخلي أن ينجرفَ بعيداً – كما
ستنجرف هذه التدوينة مع تراكم التدوينات عليها – في تذكيري لنفسي كلما هممتُ
بالكتابةِ كلّ مرة ، ثمةَ طيفٍ سيعاود قرائتها في كلّ مرة ، ستبقى دائماً حيّة لا
تجرفها تتابع الحروف ، لذلك أصلي عميقاً وأنا اكتب !
يا صديقي .. في حاجتي و احتياجي وفي وسطِ منفاي فقط أشتهي أن نغادر إلى
حيثُ أخبرتكَ تلكَ المرة ، أن نمضي بعيداً ثم نبتسم ، ونكونَ بخير .. أحتاجُ لذاك
المكان وتلكَ الفسحةُ من نورٍ ولا يبقى فيها سوى صوتُ همسك ، وبريقَ عينيكَ ،
ويدكَ تدفئني من البرد !
يا صديقي .. و إن ابتعدتُ عن هذا العالم بحجةِ احتياجي للبقاءِ وحيداً فلا
تبتعد ، أبقَ على معرفةٍ دائماً أنني في حاجٍ إليك ، و أنني لن أبوحَ باحتياجي
دائماً فكن معي !
يا صديقي .. امنحني ما أريد فأنتَ تدركُ حجمُ العمق البنيّ في عيناي ،
وتدركُ لمَ كتبت و تدركُ يقيناً أني أحتاج لذلك لأجل البريق البنيّ في عيناي !
جميييلة جداً����
ردحذفجميل جدااا البريق البني لكنني تفاجئت بهده التدوينة
ردحذفكنت انتظر تدوينات العتاب والهجاء والحدف
مفاجئة...("
لمَ ؟
حذفحياتنا ليست مبنية على ذلك .
نُهَى ، عميقَة فِي نَزفكْ !
ردحذف