بردٌ أراهُ قارسٌ قليلاً و لو أنّ الجميع يراه عكس ذلك ، اقتربُ من المدفئة
ملتحفةً بغطاءٍ صوفيّ و أمسكُ بكوبِ الحليب الساخن حتى أشعرُ بدفء ، و مع ذلك لا
يتغيّر شيء ، يزدادُ بيَ البردُ أكثر و تعصفُ بي الحَرارة المنخفضة ، انظرُ لهاتفي
أترّقب ، شيئاً ما مدركةٌ أنا أنه سيأتي ولو تأخر ، ابتسم و اقضي الوقت و كأنما لا
شيء فيّ ، رعشةٌ قلقةٌ فيّ تجعل شفاهيّ تزرقُّ ووجهي يكسوهُ بياضٌ عاصِف ، أصابعي
ترتجفُ وأنا اكتب ، أقاومُ دمعةً في عينيّ و تبكي روحي ، و لكنّها خانتني لتكونَ
في خدي و تنزلُ حتى أتذوقُ شيئاً من ملوحتها ، و يَتهافتَ الدّمعُ ليُكررَ المَشهد
، الأمرُ مؤلمٌ و الجرحُ العميقُ غائصاً في روحي وقلبي ، مشيتُ بجانبَ النّهر
أنتشي شيئاً من جمالِ الطقس ، لكنِّ بكيت ، ظننتُ أنه مطراً لكنّني وجدتني أبكي ،
أجلسُ بجانب جذعِ الشّجرةِ أتكئُ عليه و أبكي!
أحسبني أرتعشُ برداً و هو الألمُ بحدّ ذاته ، لمَ ؟ كانَ السؤالُ عقيماً أجهضَ من رحمٍ تمزّق وجعاً ، أيعقلُ أن هذا واقعاً ، أحقاً يتهاطلُ المطر وعليّ العودة ، أمسكتُ بمعطفي لأدفىء نفسي قليلاً !
رُحماكَ يا الله قد وهنَ قلبي ، عليّ أن أتجاهلَ كلّ شيء ل أعيش لكنّ الجرحَ يكونُ أقسى من حَبيب !
كنتُ أدركُ جيداً أنّه لم يكن أيّ شيء ، لكنّ وجعاً غائصاً بعمق ، يخبرني أن الألمَ كانَ سيّدُ الحُضور ، و أني وهنةٌ جداً حتى كدتُ أفقدُ وعيي ، وقد فقدتُه فعلاً ، ظلامٌ حالك ، و برودةٌ قاتمة هو كلّ ما في الأمر ، حديثٌ مشوشٌ ، و رسائلَ ممزقة تتوالى ، جراحٌ لم تُدمل بَعد ، صَحوة : و الرؤيةُ لم تَتضِح بعد !
سحقاً لهذا المشهد الذي أكره!
أحسبني نسيتهُ منذ زمن ، و كأن خلاياي الحمراء أبت إلا أن تختمَ في دَمي نقصاً و عليّ تحمّل نتائج جيناتي !
رعشةُ خوفٍ في اشتياقٍ ل أبي ، و كأنني دُونه لم أعش يوماً ، و ذاكَ الجرحُ يغوصُ بعمقٍ قاتل!
ينسلُ في أحشائي كحسامٍ رأى النورَ ليتبللَ بالدّم أخيراً ، كحريةٍ أعطيت لطيرِ السّلام حيناً ، ينغرسُ الحسامَ في صدري بحراً و أتقلُّبُ بكاءً ، صدري يكادُ يفتّلُ من هذا الوجع!
ككابوسٍ عليّ الاستيقاظُ منه هذا الحين قبل أن يفتكَ بي لكنّني حيّة ، نعم حيّة ، أعني أنني مستيقظة فقد عدتُ لوعيي مرةً أخرى.
صمتٌ يجعلني أتنفسُ الصّعداء أخيراً ، أستنكرُ أمر اختفاءَ جراحَهم ، ووجعهم ، أصواتهم المشوشة ، أفتحُ عيني مرةً أخرى ل أرى سواداً شاسعاً ، أحرّك رأسي يمنةً ل أجدني أسقط من على جرفٍ عميق ، صراااااخ ، يجعلني هذه المرةً أستيقظُ لأجدني حيّة !
صوتها وهي تهدئ من روعي كان حُلم أنتِ بخير ، أشعرُ بحرارةَ الشمسِ في صدري ، كلّ شيء ثقيل ، أسمعُ شوشراتهم لأغمضَ عينيّ أجدني أسمعُ صدى جرحَ الحبيب ، أغمضُ عينيّ بقسوة ، تضمُني لحضنها تقولُ لي بخير انتِ بخير ، ابتسم و إثرَ ابتسامتي ظلامٌ عتيق ، و كأني أعاقبُ على تبّسمي ، تعاودني الظّلمة ، لينغرسَ ذاك الجارحُ داخلي ، ينسابُ بعمق ليعبرَ كلّ شراييني و أوردتي ، يصلُ ل الوَتين ، يمدُّ يديه يسحبهه بقسوة ، ارتعشَ نبضي حينها وتحركتُ كلّي معه ، أدخلَ مهنده في ضِمدَه ليدخلَ يديه داخلي ، يشدُّ الوتين مرةً فمرة ، لا شيء!
أرتعشُ كلياً و أبكي و اسمعُ شوشرتها تصرخُ انقذوها !
أشعرُ بجهاز الصدماتِ في صدري و ارتجف وهوَ يمدُّ لي يديه ، ليقطعَ وتيني ، رجفةٌ تليها رجفة ، وصراخُ الطبيب و صوتها المتقطعة ، جراحه ورسائله الحارقة ، كلّ شيء أمامي ، ينقطعُ الوتين لأشهقَ قليلاً ثم .......................................................................................................................................................................
أحسبني كنتُ أحلم كلّ
هذا
هه حُلم ؟ حُلم!
هه حُلم ؟ حُلم!