الأحد، 20 مارس 2016

رسالة

إلى زميلي الذي يظنُّ بأنني حمقاء و أنني أغبى من على هذه الأرض ، سأخبرك أن هذهِ الرسالة لكَ من أول حرفٍ لها لآخر حرف ، وأني لن أندم عليها .

عمومُ الخطأ لا يعني جوازه ، ووجود شخص واحد في طريق الحقّ وحيداً لا يعني أنهُ هو على خطأ ، اختلاف التفكير و النظرِ للأمور لا يعني أن الفكرَ المختلف هو الخطأ ، اختلافُ زوايا النظرِ لا تجعل من الزاويةِ العمياءِ وإن كانت غالبةً بصيرة .

لتحمل على عاتِقكِ رسالةً كانت ستكونُ في طيات الذكريات لو أن الذين سبقونا ما جاهدوا وصبروا و اصطبروا عليها ، ولو أن المئات لم يموتوا في سبيلها لما بقت موصولةٌ إلينا ، و لو استسلم الصحابةُ بينَ يدي بني قريش لما كان الإسلام نوراً يهتدي بهِ الناس قرونا و دهورا .

إنك في حياتكَ قد تصاحب الصالح و الطالح ، و قد تبتعد عمّن يسوء صيته بين الناس خوفاً على نفسكَ من الوقوع في دائرةِ الحيرةِ و التيه بسببه ، وإنك لتقرأ القرآن فجراً و تصاحُب إمام المسجد الواقع بجوارِ مسكنك ، وقد تمضي يومكَ بين كتبِ الإسلام و الآداب و تبقى مع أهلك تقرأ القرآن و تذكر الله أناء الليلِ وأثناء النهار لكنكَ تبقى بوجهٍ جامدٍ أمام المنحرفين عن طريق الله .

إنك قد تشهد أخاكَ يسرق و تقولُ " إن الله يهدي من يشاء " ، وترى صاحبكَ يمارسُ الرذيلة و تلفُّ عينكَ عنه كأنكَ لم ترى ، و تسمعُ تأتأةِ الطلبةِ في وسطِ قاعةِ الإمتحان ثمّ تتجاهلُ كأنك لم ترى ، وترى ما يغضبُ الله أمامكَ و أمام ناظريكِ ويمرُّ خلالكَ وبين يديكَ ثمّ تتجاهل كأنك لم تكن ، و كان ما يحدث لا يمسك بأي شيء ، ألا تغضب على دينك ؟ ألأ تغار ؟
إنني و إن كنتَ لا تغضب فإنني أغضب ، وإن كان ضميركَ ميتاً فضميري لا زال يتنفس ، وإن كان قلبكَ لا يمسك بأي ألم فقلبي يوجعني أشدُّ أنواع الألم ، و إن كنتَ تنامُ الليلَ مرتاحاً مطمئناً غير مبالٍ بما يدور حولكَ فأنا أُبالي ، أنا مع الحقِّ أينما كان ولو كنتُ وحدي ولو كان الطريقِ مثقلاً بالوجعِ و الشوكِ و الحصى .

" من قال أن طريقَ الجنّة مغطىً بالورود ؟ " من قال أن الشوكَ لا يرميك وأن الدمع لا يمسّك و أن روحكَ لا تموتُ ألفَ مرةٍ حتى تصلَ إليها ، من قال أنكَ لن تمسكَ بدينكَ كالقابضِ على الجمرِ حتى تستفيق ، ومن قال أنك لن تمضي الليل حيراناً كيف ترضي الضمير .

عزيزي زميلي الواعي : إن كنتَ ترضى أن تبقى بذاك الحمق فأنا لن أرضى به ، أنا لن أصمت تجاهِ الباطلِ ولو اجتمعت الأنسُ والجنُّ عليهِ ضدي ، و أني عن طريق الحقِّ لن أنثني ، وإني لن أتعاون على الإثمِ مع أحد ولو كان جزءاً مني .

أنا لن أكون خرقةً باليةٍ على هذه الأرض ، ولن أرضى أن تكون كذلك وإن رضيتَ لنفسك ، أنا لن أقبل بمريضٍ بين يديكِ ظمآنٍ أسف ، و أنت بينَ ضحكةٍ و ترفٍ في النعيم مُستقر ، تترنمُ بالغناءِ و العويلِ في يومٍ سعيد ، و أهلُ المسكينِ في صياحٍ و نواح ، و كلّ العالمِ واقفاً بينَ يديكِ لتعتذر ، لكنكَ " كنتَ ميتاً في بحورِ الإثمِ و الغيِّ غريقاً " ، ساقكَ الشيطانُ طمعاً في الدنيا و بعتَ الدينِ رخصاً كالترابِ ، و سمعتَ بتواترٍ عن خيرِ خلقِ الله إنكَ لستُ منهُ ، لكنكَ غارقٌ في طمعِ ذاتك .

حدّ الصمتِ قبل الإنفجارُ يمؤلني العتابِ لكنِّ فعلتُ ما كان عليّ فعله قبل أشهرٍ طويلة ، وفعلتُ ما أراحَ ضميري و تركني أنامُ مطمئنا ، ولا أندمُ أبداً مهما ثقُلت عليّ النظرات ، وكثُرت خلف أذني الشوشرات ، يا رب طريقِ الإيمان الحقِّ اهدني إليهِ و إياهم .

زميلي الصالح الفاسِد : لأقعدنَ أنادي بالصراطِ المستقيم إن كنتَ تأثم ، ولأسهرن الليل في همسٍ إلى الله اسأله الهدايةَ لك ، ولأشربنَ العلمَ بحراً مالحاً لن أنثني ، ولأسالنّ الله حقّ خلافةٍ في الأرض لن أيأس ، ولأرمينّ الزهرَ في وجهِ شوككَ كلما ترمي ، ولأزهرنّ اليوم و غداً كما الأمس آبدا .

إن كنتَ وجدتَ نفسكَ بين أي سطر فأنت مَقصود .

اللهم علّمني ودلّني للصواب ، أرشدني حتى أفهمُ و أنتفع ، حتى لا يموتُ بينَ يدي مريض و أموتُ بعده ، دلّني لليقينِ حتى أنامُ مطمئنا .

هناك 3 تعليقات: