الجمعة، 3 يوليو 2015

يُزهر بحبّ


خرجَ مُسرعاً مرتدياً أحدَ أكمام معطفه ، وهو يمرّ في الشارع يرتبّ معطفه و يرتدي قفازه في تلكِ الليلةِ الباردة ، يمشي في الطريقِ شاتماً نفسه ألفُ شَتيمة على تأخرّه في النوم .

سيفوتني المَوعد ، ما أحمقني!" ، يحاولُ البحث عن سيارة أجرة في ذاكَ الفجر المُظلم الذي لم تُشرق شمسه بعد لكنّ لا أحد في هذا الشّارع سوى السّكارى المُترنحين ، و العُشّاق المُغرمين ، ولا يمرّ بذاكَ الشّارع سوى السّاهرين .

أمستردام السّاحرة مخيفةٌ ليلاً ليست مثلَ ضيائها صباحاً كما تحملُ الأحلام ، أخيراً سيارة أجرة تمرّ في الجوار رفع يُسراهُ ليوقفها لكنّها مرّت خلالهُ لم تَقف ، حسناً ! سيكونُ عليّ المضيّ مشياً .
" تباً لي لمَ عليّ مجاراتها إلى أبعد نقطةٍ في المدينةِ كلها " مخاطباً نفسه . 

يمشي ذارفاً البخارُ من فمهِ كلما تنفس ، مخبئاً يديه في جيبه من برودةِ الجَوْ ، بدأ المطر بالهطول رفعَ معطفه قليلاً ليحمي رأسهُ من المطر ، خارت قواهُ بدأت خطواته تضعف ، ستون دقيقة من المشي على قدميه وسطَ المطر في ليلةٍ بردها قارس كادت أن تفتكَ به ، أُرهقَ كلياً جلسَ على مقعد أحد محطات انتظار الحافلات محاولاً مقاومة الدمع لأنه لم يبلغ مقصده .

تكادُ الشمسُ تشرق ، تمرّ بخاطرهِ ألفُ ذكرى ليتني لم أنم ، يرددُ اللعنات و الشتائم كلها لنفسه لم أنا بذاك الحمق ، كان أحدَ أحلامها أن يصل في الوقتِ المحدد لكنّه لم يُكمل ، واضعاً كفيّه على وجههِ يفكرُ فيما سيحدث حينما تعلم أنه لم يحقق لها مُناها .

يقاوم الألم و يقف يمشي خطوات وتمرّ سيارة أجرة ، يوقفها  ، أخيراً علّه يحصل ، يخرجُ ورقةٍ مبللةٍ من جيبه بها عنوانٍ ما يقولُ له أرجوكَ أسرع  ، أرجعُ رأسهُ و أغمض عينيه وغطّ في سباتٍ من خيالاتٍ بلقائها .

" سيدي! استيقظ لقد وصلنا " فتح عينيه ينظرُ للسائق باستغراب متسائلاً أين أنا لكنّه سرعان ما تذّكر و نزلَ مهرولاً مستعيداً كلّ قواه .

أخيراً في المكان المحدد

يكاد الفجرُ يُشرق ، متقدماً بخطواتهِ المتوازنة ينظرُ في المدى أمامه ، سارحاً في المدى يسمعُ خطواتها خلفه ، مُدّت يدٍ أمسكت بيديه ، يتحسسها ويضمها ليديه دونَ أن يحرّك شفتيه .

 " إنه نيسان ، شهر التوليب ، إنه يُزهر بحبّ " تهمسُ له  فيبتسم ، ينظرانِ معاً لزهرِ التوليبِ يُزهر في المَدى .
تلتقي أعينهما فَرحين ، لا يمسّ سعادتهما شيء ، يمدُّ يديه يقطفَ زهرةً يضعها على شعرها المُنسدل .

يقول لها " جَنّتي تحققَ حلمك "

تبتسم حتى يتورّد خدها .. يمضيان بفرح .


تمت .

هناك تعليقان (2):

  1. تماما كمن يعيش تفاصيل الامر

    بارك الله في قلمك

    ردحذف
  2. يالله
    تتفتقُ السعادةُ من وجنتيها سُكراً أحمر ")

    وكأنني أنا التي أعيشُ الحدث،
    سَبكٌ متقنٌ للأحداثِ نُهى بارك الله فيكِ وأزهرك ❤️

    ردحذف