الثلاثاء، 19 مايو 2015

هذا المساءُ كتبت !


أفتح عينيّ ببطء و تثاقلٍ شديد ، انظر لخلفِ النخلةِ الشامخةِ من نافذةِ الغرفة التي على يميني
 لم أستطع تحديد وقت ، نظرتُ للساعة ' الخامسة مساءً ' و رأسي يكادُ ينفجر ، عدتُ للنومِ تارةً أخرى في عمقٍ شديد .

صحوتُ بعد دقيقتين ، إنها السابعة مساءً عليّ النهوض ، صداعٌ يفتكُ بي كأنني صحوتِ للتوّ من مخدر (( DMT  قد كنتُ في عالمٍ آخر تماماً .

رأيتُ فيلاً يتجوّل في ممرِ المختبر والجميعُ يهربُ منه ، يبدو أنني الوحيدةِ التي رأيتهُ لطيفاً و اقتربتُ منه محاولةً مداعبته ، لكن يبدو أنه غاضبِ قد دفعني بخرطومه للجدار .

رأسي ثقيلٌ جداً لا يمكنني حتى رفعهُ من الوسادة ، هه! رُبما المعلومات السرمديّة السبب التي
ظلت محاضِرة علم المناعة تعيدها علينا مراراً و تكراراً دون أن نفهم شيء ، لمَ لا يفهمون أن ليسَ كلّ من أمسك بشهادةِ الماجستير يمكنه أن يكون معلماً!

لا يمكنني رفعَ رأسي المرهق ، أحتاجُ لجرعةٍ من المخدر تأخذني من هذا البؤس ، أحتاجُ إليهِ و كأنني سأموتُ دونَ جرعةٍ منه ، أحتاجُ لأن اكتب ، يقتلني هذا الشّعور .

الحَرف أفيون المدوّن! جرعةٌ منه ستنتشلني من هذا العالم و أعودُ بتيهٍ في حلمٍ لا أدري لأين يأخذني هذه المرّة ، المُهم أنها ستنسيني لعنةَ علمِ المناعة!

أعلمُ أنني من اخترتُ الإصابةِ بهذه اللعنة ، أنا من كتبَ أولاً وبدأت بذاك الإدمان  ، ها هيَ الحُمى الآن تنهشني تحتاجُ لجرعةٍ أخرى ، لحرفٍ يُزهرُ بالحياةِ و يُسعد .

لستُ بذاك الحمق ليأتي بخاطري أنني اكتب حرفاً من نور ، أعلمُ أنه حرفٌ مصابٌ بلعنةٍ ما تتبعهُ الحمى في محاولةِ الهرب منه ، أو الإنشغال عنه .

كلّ صباح كان يستمعْ لأغاني فيروز يقولُ لي أنها حياةً للصباح ، لكنِّ لا أؤمن بذلك ، الموسيقى رُبما تأخذنا لعالمٍ آخر ، لكنّها ليست حلالاً على أيةِ حال ، و لستُ بالحمق الذي يجعلني أبدأ صباحي بسيئة!

لكنِّ بالحمقِ الأشد أن أصحو فجراً لأغوصَ بينَ أغوارِ حرفٍ دُوّن ، إني بالحمقِ لدرجةِ أنني أبتعد عن العالمِ لأقرأه وكأنه الشيء الوحيد الحيّ في هذا العالم ، قالت لي تلكَ المرة " هي لعنةٌ لن تصحينَ منها إن أدمنتها "  ، هيَ لعنةٌ لا أريدَ أن أشفى منها ، كالمسّ الذي لا أحتاجُ لرقيةٍ منه!

هذا المساء كادَ أن ينفجرَ رأسي رغبةً في استنشاقِ حرفٍ يأخذني بعيداً ، ليحملني للعالمِ الآخر ، حيثُ أكونُ ريفيّة في كوخٍ بينَ الألبِ في سويسرا ، اكتب على آلةِ كتابةٍ قديمة تصدر صريراً كلما نقرتُ على حرفٍ منها ، إني بذاكَ الحمقْ أن صحوتُ ذاتَ مرة قبل عشرِ سنوات و كان قراري أن اكتب!

لحظة! لمَ يراودني هذا الشّعور والحرفُ كان اختياري ، حمى اشتياقِ الحرفِ تسكرُ بي .. يبدو أني بدأت أُهلوس .

حقيقةً واحدة أدركها الآن حمى الحرفِ جعلتني اكتب هذا المساء  ، في شوقٍ إلى هُنا .


هناك 3 تعليقات:

  1. يا جمال هذه التدوينه

    ردحذف

  2. "كلّ صباح كان يستمعْ لأغاني فيروز يقولُ لي أنها حياةً للصباح ، لكنِّ لا أؤمن بذلك ، الموسيقى رُبما تأخذنا لعالمٍ آخر ، لكنّها ليست حلالاً على أيةِ حال ، و لستُ بالحمق الذي يجعلني أبدأ صباحي بسيئة!"
    عجبني هذا المقطع

    ماشاء الله، بارك الله في حرفك .. إلى الأمام

    ردحذف
  3. رزقك الله زلال الحرف سلسبيلاً منه ، واصلي

    ردحذف