الأربعاء، 11 مارس 2015

نُهى كتبت .. تدوينة !


كنتُ أتمنى أن اكتب رواية ، أو نصٌّ أسطوريّ ، أو كلماتٍ ستبقى تعويذةٌ في الألسن تقويها وتحميها من ذاكَ الوجع الطائفُ حولها ، كنتُ أتمنى تلكَ المرة أن أقف على شرفةٍ تطلّ على البحر ، يناثرُ هواء البحر الأوراق جواري ، و أضلّ اكتب الأحرف تباعاً حتى تسمى رواية .

كان لي حُلماً ذاتَ يوم أن أحيكَ أحرفاً بطهرِ الياسمين ، تُؤفلُ الضعفَ وتقويّها ، كنتُ أتمنى أن اكتب حرفاً تقرأه هيَ بالذات لتبتسم و تقوى لأنها ضلّت تقولُ لي " في كلِّ مرةٍ اقرأني في أحرفكِ " .

كانت لي ذا فجرُ أحلامٍ بينَ شغافِ الحرف لكننّي في كلّ مرة أجدني اكتب تدوينة ، و أعيد كتابة التدوينات مراراً وتكراراً كأنها نصوصٌ سأسأل عنها في امتحانٍ ما ، ويحكى أنني ذاتَ يوم نقرتُ على زرّ نشرِ تدوينةٍ ما فزالَ كلّ وجعٍ داخلي ، هو هكذا الحرفُ يفعل!

لستُ بكاتبة لكنِّ جعلتُ من الحرفِ حلماً يستيقظ معي كلّ فجر ، يمضي بين يديّ و يحويهِ قلبي بدفء ، يكسرُ ذاك الضعفَ داخلي ويقويني ، يجعلُ الحرفَ منساباً في أوعيتي الدموية دونَ أن يصنفه جسدي أنهُ طفيليّ وعليه الخلاص منه ، كان الحرفُ ذاتَ يوم لي فجراً ، وهو الآن كذلك وسيبقى .

ذاتَ يوم سيُمسكُ ذاكَ الدفترُ مبتسماً يقرأ تلكَ الأحرف بكلّ فرحٍ ، وفي عينيهِ السوداء بريقٌ لا يشبهه أي بريق ، سيقلّب تلكَ الأوراق مراراً وتكراراً ، وسيمسكُ هاتفه ليجدَ تدوينةً جديدة ليقول كانت تدوّن ، ولا زالت ، وسيحكي لأبنائه ما تدوّن جدّتهم .

التدوين أشبه بتفاصيلِ روايةٍ لن تنتهي ، لا تملكُ إلا نهايةٍ واحدة : ذهب صاحبها للجنّة ، تشبهُ نصوص دوّنت ذات يوم في ورقٍ بالٍ وهو الوحيدُ المتوفر ، فخلّدتها أحد المتاحف حفاظاً على ذكراها .

هيَ ليست قصيدة ، أو حكايةٍ خرافية بطلها تنين ، هيَ كالعنقاء أسطورة تموتُ وتحيا من رمادها كلّما ذبلت ، خرافيةٌ لكنّ العقولُ تصدّق وجودها ، وفي كلّ مرةٍ تذبل تعودُ أقوى ، هو أشبهُ برحلةٍ طويلٍ تخوضها اشعاعات الشمس لتصدم سطحِ الأرض وترتجف في عمقها .

أشبهُ بحقنةٍ مهدئة تسافرُ بحاملها لا يتسيقظ إلا بعد التحليق في نشوةٍ عارمة ممتدةِ القوة تسيرُ مسرى الخلايا الحمراء في الدم ، لا يمسها شيء سوى الطهر مخلوقٌ منه .

كان لي حلماً قبل سنواتٍ أن أكون مدوِّنة ، و ها ذي أنا كلّ يوم يرتعش فيّ الحرفِ فرحاً وابتسم .
ذات يوم كنتُ مدوِّنه ،  و لا زلت ، وسأضل .

نُهى كتبت .. تدوينة
10:54 ص

11/3/2015 م 

هناك 3 تعليقات:

  1. حرفكِ .. ♡

    ستظهرُ روايتكِ يومًا بإذن الله |~

    ردحذف
  2. سأظلّ *
    رائعة نهى :)

    ردحذف
  3. حلمكِ في أن تكوني مدوّنة قد تحقق فعلًا ، لذا فأنا أؤمن أنك حتمًا ستكتبين تلك الرواية التي ستخلدك في هذه الحياة ،، فقط استمري فهناك دائما حياة أخرى بصحبة الحرف لا يعيشها سوى من يعيش فيهم !

    ردحذف