الأحد، 4 أغسطس 2019

إلى: غادة.





أعلمُ الآن أنكِ لن تقرأي هذهِ الرسالة، و أظنُّ أنكِ لن تقرأيها أبدا. مرّت أشهر على أخرِ مرةٍ كنتِ فيها بين أحضاني، و أيامٌ طويلةٌ على آخر مرةٍ حادثتكِ فيها، تمرُّ الأيام دون أن نشعر أحياناً لكن يمزّقنا الشوق أحياناً كثيرة.

أتعلمين غادة، أفتقدكِ دائماً كما لو أنني أفتقدُ ابنتي، فكما تعلمين أن الخالة أمٌ ثانية، وإن ابنة الأختُ ابنتنا جميعاً، اذكرُ يا غادة كل الأيامِ التي تأتين إليّ باكية بدلالٍ واضح تطلبين مني الذهاب إلى الدكان، أو قطعةُ حلوى أو مشاهدة اليوتيوب "ناروّ" على هاتفي، تبكين وتصرخين بدلالٍ نعرفهُ جميعا، لكنِّ لا أرفضُ لكِ طلبا! انظرُ دائما لطاولة مذاكرتي واتذكركِ وأنتِ تعبثين بأقلامي وأوراقي بشغبٍ طفوليّ وأغضبُ منكِ وأصرخ، لكنِّ أحببتُ كل الأيام التي جلستِ فيها فوقي وانا اقرأ وانتِ تعبثين هنا وهناك.

أحبكِ حين تأتين إليّ راكضةِ تطلبين شيء، وأحبكِ ألف مرّة كلما فتحتُ ذراعي وتهرعين لحضني وتضحكين، أحبُّ ضحكتكِ كثيراً لو تعلمين يا غادة، أّحب كل الأيامِ التي بقينا فيها ساهرين ليلاً في غربتكِ تطلبين مني وعدكِ أنني لن أترككِ تنامين وحدكِ، لكنِّ تركتكِ.

أتدرين يا غادة، أحبُّ أنكِ كلما تنامين بجانبي تمسكين يدي وتقولي  "تصبحين على خير، أحبكِ" وتنامي، ثم يتبعُّ وداعكِ ضحكات كلما قلتُ لكِ نامي، إنكِ مشاكسة، ومدللة، لكنّ دلالكِ يا حبيبة فؤادي قرّة لعيوننا.

أدركتُ أن الخالة أمٌ ثانية في المرةِ الأولى التي أتيتُ لحضانتكِ وهرعتِ إلى حضني فرحاً، تودعيهم بسرعة حتى أنكِ تنسين حقيبتك وحذائك، ذلك الحضنُ كان يساوي الكون كله، اذكرُ أنني قلتُ في تلك الليلةِ أني أريد أن أصبح أماً لأجلِ هذه اللحظة، حين يحتضنني الكونَ كله بين ذراعي طفلة!

أتعلمين يا غادة .. كل مقطع فيديو يُبعثُ منكِ إلينا أسمعه يترددُ في المنزلِ ألف مرة، من كل هاتفٍ في المنزل مكررٌ مرات ومرات كثيرة لكنّ لا أحد يتحدث. إنهُ الشوق يا غادة!


أعلمُ أنكِ لا تقرأين، ولن تقرأين لكن يغالبنا الشوق فنكتب حتى يطمئن الفؤاد.

خالتكِ تحبكِ جداً.

هناك تعليق واحد: