ترّنحَ بها الحرفُ
يمنةً و يسرة ، تقاذفتها الكلماتُ كلعبةٍ راقَ لها تقلّبها ، سماءٌ تلمعُ بالنجوم
، و دواةٍ من شغف ، همسٌ من حبيبٍ : انظري
من الشرفة .. ثمةَ قمر!
الحبّ أولُ
معزوفةٍ على ضوءِ القمرِ تُعزف ، و أول الهَمساتُ قبلَ الفجرِ تُرفع ، و أولُ
الأحلامِ في الأوراقِ تُكتب .. سماويةٌ تحلّق بها الأرواح عالياً .. علّها تطيرُ
في المدى ، تطوفُ حولَ الغيم ، تبدو أنها مزهرةٌ بِفرح .. ينظرُ الآخرونَ لذبولها
، لكنّها طارت ، وحلّقت بعيداً !
الحبّ يبدو
كالفرحُ المُنساب في عمقِ القلب ، يسكن بتلكَ الأرواح التي لا تعرفُ الكره ،
يُمارسُ الطهر متغلغلاً في الأرواح حتى آخر رمق ، يتلو على قدسيّته مرةً تلوَ مرة
أنّه فوقَ المُزن كائِن !
تجلسُ وبجانبها
زهرُ التوليب في زجاجةٍ مائية ، بُخارُ القهوةِ المُتصاعدُ شيئاً فشيئا ، أبجدية
الياسمين لنزار قابعٌ في الطاولةِ الخشبية .
غطاءُ رأسها
المرميّ بإهمالٍ فوقِ شعرها تنسدلُ منه شعرةً او شعرتين ، شعرها المُبللُ الممزوجُ
برائحةِ المطر يتساقطُ منه الماء قطرةٍ فقطرة ، يدها على حافةِ الشرفة تقبضها بقوة و عيناها البنّية تنظرُ في البعيد
بسكون ، شفتاها تمتمُ بهمسٍ لن يجيد احدُ سماع ما تقول ، تبقى واقفة .. حتى
تعودُ لها الحُمى لتسكرها ،تلعنُ نفسها
لأنها لم تُقاوم المطر .. تعودُ لفراشها بحديثٍ يأمل: سيحتويني طيفه!
يرتعشُ قلبها
شوقاً ، و جسدها برداً ، والحمى تجعلها منتشيةً من الوجع ، تقيسُ حرارتها ، بدأت
ترتفع ، يبدو أنها ليلة طويلة ، تلفُّ على نفسها بغطائها ، تلتفُ وتلتف حتى آخر
جزءٍ منه ، يتسارع تنفسها ،
و تهذي أنها تشتاق ، تحاولُ أن تطاردَ الفكرةٍ
من رأسها ، تصرخُ داخلها انسي الأمر أرجوك! هوَ لن يعود ، فلتعيشي دونه ، وقَلبها
يحادثها أنه لا يعيشُ بدونها ، تعيشُ في صراخٍ داخليّ ، وضجيجٌ قاتِم !
تتجاهلُ الحربُ مع
نفسها ، تغمضُ عينيها لتنام .. تنامَ طويلا على أملٍ بعودته ، يسكنُ جسدها قليلاً
من الحُمى ، تفتحُ عينيها بعدَ سقوطُ الشمسِ عليها بتثاقل وبطئٍ شديد ، كسلٌ يرهقُ
جسدها ، تنظرُ للساعةِ إنها السابعة صباحاً ، يبدو أنني نمتُ طويلاً تحادثُ نفسها
، تجلسُ في سريرها ، تحركُ رأسها يمنةً
ويسرة ليبقى شعرها البني منسدلاً خلفَ ظهرها كله ، تُمسكُ بهاتفها وتفتحه ، مطمئنٌ
قلبها أنها تجدُ رسالةً منها ، تقرأ التنبيهات ، تلمعُ عينيها بفرح : صباحكِ أنا /
الوقت : 7:00 ص .. تحادثُ نفسها أيّ أن صوتُ رسالته هو ما أيقظني!
تقولُ له : أحبكَ
جداً !
تبتسم .. تمسكُ
مذكراتها لتكتب : عائدٌ في شباط ، من يحبّ لا يرحل!