السبت، 2 يونيو 2018

معطفٌ أبيض - 7 "تمّت!"

تتسارعُ النبضات. لا شيء يشبهُ هذا الشعور! إنهُ مُختلف عن كلِّ مرةٍ أنهي فيها فصلاً دراسياً، هذهِ المرةُ كانت النهاية أبدية، من هذا المكان على الأقل.

كنتُ أوقنُ بوشكِ النهايةِ منذ بدء الفصل في أفواهِ المعلمين، في نظراتِهم، في كلماتِهم، في محاضرات هذا الفصل الأحبُّ إلى قلبي لأنها تتحدث كثيراً عن الأحلام والآمال، عن الشّغف والعمل الدؤوب المُخلص، عن المعنى الحقيقي لتنام ليلاً وقلبكَ يملؤهُ الرضا عن نفسك.

كان الشَغف في أعينهم يزيدُني شغفاً، كانت أحلامُهم تزيدني أحلاماً، وكنتُ أستقي من طموحاتهم طموحاتٍ أكبر، وكنتُ أنمو على أيديهم سنةً بعد سنة.

إن الحديث عن بيئات العمل، المستقبل، الدراسات العُليا، النمو الوظيفي وما إلى ذلك، يوقظ فيّ ذلك الصوت "لم نعد صغارا!" بل كبرنا، ولو أن الأمر كان أبطء مما تصورنا، ولم يكن أبداً سهلاً، لكنِّ فعلتُها.

إلى نبراس: رفيق الحياة، الدرب الطويل ومشروع التخرج، لقد كان وقعُ الأمرُ في قلبي أعمق مما تتصوّر، فريقي المُفضل للعملِ المُفضل ولكل الأعمال، إلى خُطانا سوياً جنباً إلى جنب، إلى أحلامنا مهما كبرت، إلى الشَّغف في عيناك، لقد كان وجودك معي خلال هذهِ السنين هو الحدث الأهمُّ في قلبي و حُلمي.

إلى زينب: رفيقة السنين الأربعة، رفيقة التعبِّ والجهد الذي انقضى، إلى ضحكتكِ البلورية، إلى عينيكِ البريئة، إليكِ عندما يضحكُ ثغركِ في قلبي ألفُ ضحكةٍ وضحكة، من المحزنِ جداً ألا أعرف وجهتكِ الآن.

إلى شغف ومؤشرات: رفاقِ الأحلام والشغف.

إلى الثَّاري: رفيقة المسافات البعيدة، اللقاءات المُنعدمة، والرسائل المُتقطعة، لقد ظلَّ حديثك في قلبي موشوماً ما حييت، إلى رفقتكِ في هذا الطريق، الرفقةُ الأمثل، لم يكن الأمرُ كما بدأناهُ أبداً، إنه أعمقُ حتى من وصفهِ.
إلى كل رفاق التخصص البعيدين جداً (الصافي، غدير، هديل، عائش.. و آخرين): لهذا الطريق لذته، لهذا الدرب نورهُ وشغفه الذي لا يُوصف، عيشوه بشغف، هذا الأمرُ سينقضي حتماً.

كان الأمرُ سعيداً صباحاً، وأصبح حزيناً ليلاً، كل المشاعرِ مهتزة، متذبذبة، لا تعرفُ وجهتها حتماً لكنّ مشحونةً بالأحلام والشغف، لن تنتهي أبداً، هي بداية لكل شيء سيصبحُ أجمل، عندما كنا طلابا كانت الحياة زهرية، سيكون هذا الدرب أزهر!

رفاقي: دخلتُ اليوم للمرةِ الأخيرة كطالبة، وخرجتُ وأنا أخصائية مُختبر.

-         خمسُ سنينٍ في دراستي ولّت وانقضت "وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُلِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين" 


*مُمتنة لكل الدعوات والتهاني و الصلوات " اللهم استجب" ، وممتنة لكل الدعواتِ المخبئة في الأحضان.

اللهم علمني ودُلّني للصواب، أرشدني حتى أفهمُ وأنتفع، حتى لا يموتُ بين يديّ مريضٌ فأموتُ بعده، دلني لليقينِ حتى أنامُ مطمئناً.

تمت.