إلى
صاحبي الذي أخبرني تلك المرة أني خذلته، وأني لم أعد أجيد الكتابة، أعتذرُ جداً
لأني كتبت، أتمنى ألا تقرأ حتى لا تُصدمُ في حرفي أكثر.
و أعلمُ
أنكَ سوفَ تقرأ رغماً عني، و أنكَ ستأسفُ على حالِ حرفي، لكن لا بأس، أعترفُ أنكَ
كنتَ على حق، و أنتَ دائماً على حق، أني لم أعد اكتب ولا أجيدُ ذلك حتى لكنِّ
مصابةٌ بتعبٍ طويل، يكادُ ينهشني نهشاً و أنا أقاوم وابتسم.
أنا
محطمةٌ في كلِّ مرةٍ يسألني أحد متى ستكتبي مرةً أخرى، ولا زلتُ أٌقاومُ تلكَ
الرغبة بعد كلِّ وهنٍ أصابني وكل إرهاقٍ ووجع، ألا اكتب كان الخيار الأصعبُ في
الحياة، وقد مضى عليّ الزمن طويلا منذ أن كتبت، لكنّ أتعلم كنتُ دائماً اكتب وأنا
أعلمُ أنك على حق وكنتُ أحلمُ أني ساكتب في الريف، لكنّ هذه الأمنية لا أظنُ أنها
سوف تتحقق.
و يحملني
الحنينُ دائماً و مراراً وتكراراً إلى هنا، إلى الشغفِ بالكتابةِ، إلى قراءة
الأحرف نفسها دون ملل، وببريقٍ في عينيّ لا يُمكن أن يذبل للحظة حتى وإن كان حزن
العالم أجمع بين يداي، كنتُ دائماً أعيدُ قراءة ما اكتب مئات المرات في وكلّ قراءة
أشعرُ بالدهشة لأني كتبت، لأني قاومت كسرَ العالم وكتبت، وها أنا الآن أقاومُ
كسركَ واكتب!
لقد
اختفى ذاك البريق من عينايَ دون الكتابةِ دائماً لكنّ أحداً لم يلاحظ ذلك، وبقيتُ
أقاومُ كلّ شيء حتى لا يختفي، لكنِّ أعلمُ أنه انجلى، كنتُ دائماً مع ذكرِ التدوين
يتراقصُ قلبي، ويطيبُ كلّ جرح، لكنّ الأمر صار يُبكيني ويحزنني، ويحطمُ كل شيءٍ
فيّ، و لا زلتُ أمارسهُ بطغيانٍ دون أن ألتفتَ حتى لأي شيء.
كلّ شيء يصبحُ ملهماً حين تقررُ ألا تكتب، كلُّ حزنٍ يتحولُ إلى حروفٍ
ترتصُّ بجانب بعضها حين يكون التوقف عن الكتابةِ خيارك، حينما تشعرُ أنكَ مجبرٌ
على ذلك لكنَّ أحداً ما لم يجبرك، وكأن الزمان قد اغتصب الصبرُ مني و بقيتُ لا
أطيقُ صمتاً ولا حرفاً، تعبٌ طويلٌ يا صاحبي قد حلّ بي.
إلى الغريب الذي لم
يكن يوما صديقي .
عليكَ أن تنسى
أحياناً ، أن تمضي قدما في الحياة .
* يُتبع.